للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وترك عبد الله بن أُبيٍّ (١) إذ ليس (٢) من أهل ذاك.

فصل

ومن تأمل قولَ الصديقة وقد نزلت براءتُها، وقال لها أبواها: قُومي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: «والله لا أقوم إليه، ولا أحمد إلا الله» = عَلِم معرفتها وقوةَ إيمانها، وتوليتها النعمةَ ربَّها وإفرادَها له بالحمد (٣) في ذلك المقام (٤)، وتجريدَها التوحيد، وقوةَ جأشِها وإدلالَها ببراءةِ ساحتها، وأنها لم تفعل ما يوجب قيامَها في مقام الراغب في الصلح الطالب له، ولِثقتها (٥) بمحبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لها قالت ما قالت إدلالًا للحبيب على حبيبه، ولا سيما في مثل هذا المقام الذي هو (٦) مِن أحسن مقامات الإدلال، فوضعتْه في موضعه.

ولِلّاه ما كان أحبَّها إليه حين قالت: «لا أحمد إلا الله فإنه هو الذي أنزل براءتي»! ولِلّاه ذلك الثباتُ والرزانة منها وهو أحب شيء إليها ولا صبر لها عنه! وقد تنكَّر قلبُ حبيبها لها شهرًا ثم صادفت الرضى منه والإقبال، فلم تبادر إلى القيام إليه والسرور برضاه وقربه مع شدة محبتها له، وهذا غاية الثبات والقوة.


(١) ص، ن: «عدو الله بن أبي».
(٢) د، ز، ب: «فليس» بالفاء بدل «إذ». ص: «إذ فليس».
(٣) ص، د، ز، ن: «إفراده بالحمد».
(٤) قيل لعبد الله بن المبارك: إني لأستعظم هذا القول (يعني: قول عائشة)، فقال ابن المبارك: «ولَّت الحمدَ أهلَه». أسنده الحاكم في «معرفة علوم الحديث» (ص ٢٥٤).
(٥) ص، ز، د: «ثقتها» دون اللام.
(٦) «هو» ساقطة من م، ق، ب.