للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال مالك: يُقتصُّ منه حقُّ (١) الآدميِّ، ويعاقب لجرأته, والجمهور يقولون: القصاص يغني عن العقوبة الزَّائدة، فهو كالحدِّ إذا أقيم على المحدود، لم يحتج معه إلى عقوبةٍ أخرى (٢).

والمعاصي ثلاثة أنواعٍ: نوعٌ عليه حدٌّ مقدَّرٌ، فلا يُجمع بينه وبين التّعزير. ونوعٌ لا حدَّ فيه ولا كفَّارة، فهذا يردع فيه بالتَّعزير، ونوعٌ فيه كفَّارةٌ ولا حدَّ فيه، كالوطء في الإحرام والصِّيام، فهل يُجمع فيه بين الكفَّارة والتَّعزير؟ على قولين للعلماء، وهما وجهان لأصحاب أحمد (٣)، والقصاص يجري مجرى الحدِّ، فلا يجمع بينه وبين التَّعزير.

فصل

في قضائه - صلى الله عليه وسلم - بالقصاص في كسر السِّنّ

في «الصَّحيحين» (٤) من حديث أنس: أنَّ ابنة النَّضْر أخت الرُّبَيِّع لطمت جاريةً، فكسرت سنَّها، فاختصموا إلى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فأمر بالقصاص، فقالت أم الرُّبَيِّع: يا رسول اللَّه! أيُقتصُّ من فلانة؟ لا والله لا يُقتصُّ


(١) د، ز، ن، ط الهندية: «بحق».
(٢) ينظر «المغني»: (١١/ ٥٨٦ - ٥٨٧)، و «البيان»: (١١/ ٤١٤)، و «الذخيرة»: (١٢/ ٣٣٠ - ٣٣٢)، و «مواهب الجليل»: (٦/ ٢٤٧).
(٣) ينظر «أعلام الموقعين»: (٢/ ٤١٤)، و «الطرق الحكمية»: (١/ ٢٨١) وفيه: «لأصحاب أحمد وغيرهم».
(٤) أخرجه البخاري (٢٧٠٣)، وفيه أن المُقسِمَ أنس بن النضر، لا أمَّ الربيع، ومسلم برقم (١٦٧٥)، واللفظ له.