للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي «سنن الدَّارقطنيِّ» (١) عن جابر: «أنَّ رجلًا جُرح، فأراد أن يستقيد، فنهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يُستقاد من الجارح حتَّى يبرأ المجروح».

وقد تضمَّنت هذه الحكومة أنَّه لا يجوز الاقتصاص من الجرح حتَّى يستقرَّ أمرُه، إمَّا باندمالٍ، وإمّا (٢) بسرايةٍ مستقرَّةٍ، وأنَّ سراية الجناية مضمونةٌ بالقَوَد، وجواز القصاص في الضَّربة بالعصا والقَرْن ونحوهما، ولا ناسخ لهذه الحكومة، ولا معارض لها، والذي نسخ بها تعجيل القصاص قبل الاندمال لا نفس القصاص فتأمَّله، وأنَّ المجنيَّ عليه إذا بادر واقتصَّ من الجاني، ثمَّ سرت الجنايةُ إلى عضوٍ من أعضائه، أو إلى نفسه بعد القصاص، فالسِّراية هدرٌ.

وأنَّه يُكتفى بالقصاص وحده دون تعزير الجاني وحبسه، قال عطاء: الجروحُ قصاصٌ، وليس للإمام أن يضربه ولا يسجنه، إنَّما هو القصاص، وما كان ربُّك نسيًّا، ولو شاء لأمر بالضَّرب والسَّجن (٣).


(١) حديث (٣١١٥)، وكذا البيهقي في «الكبرى»: (٨/ ١١٧)، والطبراني في «الصغير» (٣٧٧) من طرق عن أبي الزبير, عن جابر - رضي الله عنه -، وقد رُوي مرسلًا عن محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة، ورجح إرسالَه أبو زرعة كما في «العلل»: (١/ ٤٦٣)، والحازمى في «الاعتبار» (ص ١٩٢)، والزيلعي في «نصب الراية»: (٤/ ٣٧٧)، وقد ضعف الحديث الهيثمي في «مجمع الزوائد»: (٦/ ٢٩٦).
وأَمْثلُ طرقه: ما رواه الطحاوي في «شرح معاني الآثار»: (٣/ ١٨٤) من طريق الشعبي، عن جابر مرفوعًا: «لا يستقاد من الجرح حتى يبرأ»، جوَّد سنَده ابنُ التركماني، وقال أبو زرعة: «مرسل مقلوب». وله طرق أخرى لم تسلم من مقال.
(٢) س، والمطبوع: «أو».
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة (٢٨٥٠٥).