للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قتلوا ابنَ عفان الخليفةَ مُحْرِمًا ... ورعًا فلم أر مثله مقتولا

وإنما قتلوه بالمدينة حلالًا في الشهر الحرام (١).

وقد روى مسلم في «صحيحه» (٢) من حديث عثمان بن عفان - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا يَنكح المحرم ولا يُنكح ولا يخطب».

ولو قُدِّر تعارض القول والفعل هنا لوجب تقديم القول، لأن الفعل موافق للبراءة الأصلية، والقول ناقل عنها فيكون رافعًا لحكم البراءة الأصلية، وهذا موافق لقاعدة الأحكام. ولو قُدِّم الفعل لكان رافعًا لموجَب القول، والقول رافع لموجَب البراءة الأصلية، فيلزم تغيير الحكم مرتين، وهو خلاف قاعدة الأحكام. والله أعلم.

فصل

ولما أراد النبي - صلى الله عليه وسلم - الخروج من مكة تبعتهم ابنةُ حمزةَ تنادي: يا عمِّ يا عمِّ! فتناولها عليٌّ فأخذ بيدها وقال لفاطمة: «دونكِ ابنةَ عمك» فحملتها، فاختصم فيها علي وزيد وجعفر، فقال علي: أنا أخذتُها وهي ابنة عمي، وقال جعفر: ابنة عمي وخالتها تحتي، وقال زيد: ابنة أخي، فقضى بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لخالتها وقال: «الخالة بمنزلة الأم»، وقال لعلي: «أنت مني وأنا منك»،


(١) هذا المشهور في تفسيره، فإنه قُتل في ذي الحجة سنة ٣٥. وقال أبو عمرو الشيباني: إن المعنى أنهم قتلوه صائمًا؛ سُمي الصائم محرمًا لامتناعه مما يَثلِم صيامه. وقال الأصمعي: إن المراد بالمحرم أنه لا يحِلُّ قتله ولا شيء منه. انظر: «تهذيب اللغة» (٥/ ٤٥) و «تاريخ بغداد» (١٢/ ١٦٤).
(٢) برقم (١٤٠٩).