للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد قيل: إنه تزوجها قبل أن يُحرِم، وفي هذا نظر إلا أن يكون وكَّل في العقد عليها قبل إحرامه، وأظن الشافعي ذكر ذلك (١)، فالأقوال ثلاثة:

أحدها: أنه تزوجها بعد حلِّه من العمرة، وهو قولُ ميمونة نفسها، وقولُ السفير بينها وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو أبو رافع، وقولُ سعيد بن المسيب وجمهورِ أهل النقل.

والثاني: أنه تزوجها وهو محرم، وهو قول ابن عباس وأهل الكوفة وجماعة.

والثالث: أنه تزوجها قبل أن يحرم.

وقد حُمِل قولُ ابن عباس أنه تزوَّجها وهو محرم على أنه تزوجها في الشهر الحرام لا في حال الإحرام (٢). قالوا: ويقال: «أحرم الرجل» إذا عقد الإحرام، و «أحرم» إذا دخل في الشهر الحرام وإن كان حلالًا، بدليل قول الشاعر (٣):


(١) ذكره الشافعي في «الأم» (٦/ ٤٥٢ - ٤٥٣) و «اختلاف الحديث» (١٠/ ١٩٣ - ضمن الأم) مستندًا إلى ما رواه عن مالك ــ وهو في «الموطأ» (٩٩٦) ــ عن ربيعة بن عبد الرحمن، عن سليمان بن يسار: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث أبا رافع مولاه ورجلًا من الأنصار فزوَّجاه ميمونة بنت الحارث ورسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة قبل أن يخرج».
وهذا وإن كان مرسلًا إلا أنه قد يقال: إن سليمان بن يسار عتيق ميمونة ومولاها، فيشبه أن لا يخفى عليه وقت نكاحها.
(٢) انظر: «المجموع» للنووي (٧/ ٢٨٩) و «التحقيق» لابن الجوزي (٢/ ١٣٦). وجنح ابن حبان إلى أن المراد أنه - صلى الله عليه وسلم - كان داخل الحرم حين تزوّجها، كما يقال لمن دخل نجد: مُنجِد، ولمن دخل تهامة: مُتْهِم. انظر: «صحيح ابن حبان» عقب الحديث (٤١٢٩).
(٣) البيت للراعي النُّميري في «ديوانه» (ص ٢٣١)، والرواية فيه: «ودعا فلم ... ».