للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

في الإشارة إلى بعض ما تضمنته هذه الغزوة من الفقه والفوائد

فمنها: جواز القتال في الشهر الحرام إن كان خروجه في رجب محفوظًا على ما قاله ابن إسحاق، ولكن هاهنا أمر آخر وهو أن أهل الكتاب لم يكونوا يُحرِّمون الشهر الحرام بخلاف العرب فإنها كانت تحرمه، وقد تقدم (١) أن في نسخ تحريم القتال فيه قولان (٢)، وذكرنا حجج الفريقين.

ومنها: تصريح الإمام للرعية وإعلامُهم بالأمر الذي يضرهم سَترُه وإخفاؤه ليتأهَّبوا له ويُعِدُّوا له عُدَّتَه، وجواز سَتر غيرِه عنهم والكناية عنه للمصلحة.

ومنها: أن الإمام إذا استنفر الجيش لزمهم النفير ولم يَجُز لأحدٍ التخلُّف إلا بإذنه، ولا يُشترط في وجوب النفير تعيينُ كل واحد منهم بعينه، بل متى استنفر الجيش لزم كلَّ واحدٍ منهم الخروجُ معه. وهذا أحد المواضع الثلاثة التي يصير فيها الجهاد فرضَ عين، والثاني: إذا حضر العدو البلد، والثالث: إذا حضر بين الصفَّين.

ومنها: وجوب الجهاد بالمال كما يجب بالنفس، وهذا إحدى الروايتين عن أحمد (٣)، وهي الصواب الذي لا ريب فيه، فإن الأمر بالجهاد بالمال


(١) (ص ٤٠٧ - ٤٠٩).
(٢) ن، والنسخ المطبوعة: «قولين» وهو الجادّة.
(٣) نصَّ على وجوبه في رواية ابن الحكم، واختارها شيخ الإسلام. انظر: «مجموع الفتاوى» (٢٨/ ٨٧) و «الاختيارات» للبعلي (ص ٤٤٥).