للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

وهذا العطاء الذي أعطاه النبي - صلى الله عليه وسلم - لقريش والمؤلفةِ قلوبُهم هل هو من أصل الغنيمة، أو من الخُمس، أو من خمس الخمس؟

فقال الشافعي ومالك: هو من خمس الخمس (١)، وهو سهمه - صلى الله عليه وسلم - الذي جعله الله له من الخمس، وهو غير الصفي وغير ما يصيبه من المغنم، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يستأذن الغانمين في تلك العطية، ولو كان العطاء من أصل الغنيمة لاستأذنهم لأنهم ملكوها بحوزها والاستيلاء عليها، وليس من أصل الخمس لأنه مقسوم على خمسة، فهو إذًا من خمس الخمس.

وقد نص الإمام أحمد (٢) على أن النفل يكون من أربعة أخماس الغنيمة، وهذا العطاء هو من النفل، نفَّل النبي - صلى الله عليه وسلم - به رؤوس القبائل والعشائر ليتألَّفهم به وقومَهم على الإسلام، فهو أولى بالجواز من تنفيل الثلث بعد الخمس والربع بعده (٣) لِما فيه من تقوية الإسلام وشوكته وأهله واستجلابِ عدوِّه إليه؛ وهكذا (٤) وقع سواءً، كما قال بعض هؤلاء الذين نفلهم: «لقد أعطاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإنه لأبغض الخلقِ إليَّ، فما زال يعطيني حتى إنه


(١) هو مذهب الشافعي. وأما مالك فقال: إن النفل يكون من جملة الخمس، ولم يشترط أن يكون من خمس الخمس. انظر: «المنهاج» للنووي (ص ٣٦٦)، و «المدونة» (٣/ ٣٠) و «البيان والتحصيل» (٣/ ٨٠، ١٧/ ٤٧١، ١٨/ ١٨٤).
(٢) كما في «مسائله» رواية صالح (١/ ٢٢٤) ورواية عبد الله (ص ٢٥٧).
(٣) يشير إلى هديه - صلى الله عليه وسلم - ــ وقد سبق (ص ١٢١) ــ أنه إذا أرسل سريةً بين يدي الجيش فغنمت شيئًا أخرج خُمسه ونفّلها رُبع الباقي، ثم قسم الباقي بينها وبين سائر الجيش بالسوية، وهذا في البدأة، وأما في القفول فينفلها الثلث بعد إخراج الخمس.
(٤) واو العطف ساقطة من ز، د، س، المطبوع.