للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وليُشْهِد على رجعتها. قال معمَر: وكان الزُّهريُّ يقول ذلك. قال قتادة: وكان الحسن يقول: لا يراجعها إلا بخطبةٍ (١).

ولقول سعيد بن المسيَّب والزُّهريِّ وجهٌ دقيقٌ من الفقه لطيف المأخذ، تتلقَّاه قواعدُ الفقه وأصولُه بالقبول ولا نكارة فيه، غير أنَّ العمل على خلافه، فإنَّ المرأة ما دامت في العدَّة فهي في حَبْسه، ويلحقها صريحُ طلاقه المنجَّز عند طائفةٍ من العلماء، فإذا تقايلا عقدَ الخُلع، وتراجعا إلى ما كانا عليه بتراضيهما لم تمنع قواعدُ الشَّرع ذلك، وهذا بخلاف ما بعد العدَّة، فإنَّها قد صارت منه أجنبيَّةً محضةً، فهو خاطبٌ من الخُطَّاب، ويدلُّ على هذا أنَّ له أن يتزوَّجها في عدَّتها منه بخلاف غيره.

فصل

وفي أمْرِه - صلى الله عليه وسلم - المختلعة أن تعتدَّ بحيضةٍ واحدةٍ دليلٌ على حكمين:

أحدهما: أنَّه لا يجب عليها ثلاث حِيَضٍ بل تكفيها حيضةٌ واحدةٌ، وهذا كما أنَّه صريحُ السُّنَّة فهو مذهب أمير المؤمنين عثمان بن عفَّان، وعبد الله بن عمر بن الخطَّاب، والرُّبيِّع بنت معوِّذ، وعمِّها وهو من كبار الصَّحابة، فهؤلاء الأربعة من الصحابة (٢)، لا يُعرف لهم مخالفٌ منهم (٣).

كما رواه اللَّيث بن سعدٍ، عن نافعٍ مولى ابن عمر: «أنَّه سمع الرُّبيّع بنت معوِّذ بن عَفْراء وهي تخبر عبدَ الله بن عمر أنَّها اختلعت من زوجها على


(١) أخرجه عبد الرزاق (١١٧٩٥) من طريق معمر عن قتادة عنه، وسنده صحيح.
(٢) «فهؤلاء الأربعة من الصحابة» سقطت من ط الرسالة.
(٣) ينظر «المحلى»: (١٠/ ٢٣٧ - ٢٣٨).