للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قيل: فما تقولون لو اختار القصاص ثم اختار بعده العفو إلى الدية، هل له ذلك؟

قلنا: هذا فيه وجهان، أحدهما: أن له ذلك، لأن القصاص أعلى فكان له الانتقال إلى الأدنى. والثاني: ليس له ذلك، لأنه لمَّا اختار القصاص فقد أسقط الدية باختياره له، فليس له أن يعود إليها بعد إسقاطها.

فإن قيل: فكيف تجمعون بين هذا الحديث وبين قوله - صلى الله عليه وسلم -: «من قُتِل عمدًا فهو قَوَد» (١)؟

قيل: لا تعارض بينهما بوجه، فإن هذا يدل على وجوب القود بقتل العمد، وقوله: «فهو بخير النظرين» يدل على تخييره بين استيفاء هذا الواجب له وبين أخذ بدله وهو الدية، فأيُّ تعارض؟ وهذا الحديث نظير قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ} [البقرة: ١٧٨]، وهذا لا ينفي تخيير المستحِقِّ له بين ما كتب له وبين بدله. والله أعلم.

فصل

وقوله - صلى الله عليه وسلم - في الخطبة: «إلا الإذخر» (٢) بعد قول العباس له: «إلا الإذخر» يدل على مسألتين:


(١) أخرجه النسائي (٤٧٩٠) وابن ماجه (٢٦٣٥) والدارقطني (٣١٣١ - ٣١٣٣، ٣١٣٦) من طرق فيها لين عن عمرو بن دينار عن طاوس عن ابن عباس مسندًا. وأخرجه أبو داود (٤٥٣٩) من طريق حماد بن زيد وسفيان بن عيينة كلاهما عن عمرو بن دينار عن طاوس مرسلًا، وهو الصواب. انظر: «العلل» للدارقطني (٢١٠٨).
(٢) كما في حديثي ابن عباس وأبي هريرة - رضي الله عنهم - المتفق عليهما.