للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

برضى الجاني، فإن عفا (١) إلى الدية فلم يرض الجاني فقوده بحاله، وهذا مذهب مالك في الرواية الأخرى وأبي حنيفة.

والقول الثالث: أن موجَبَه القود عينًا مع التخيير بينه وبين الدية وإن لم يرض الجاني، فإذا عفا عن القصاص إلى الدية فرضي الجاني فلا إشكال، وإن لم يرض فله العَود إلى القِصاص (٢).

فإن عفا عن القود مطلقًا، فإن قلنا: الواجب أحد شيئين فله الدية، وإن قلنا: الواجب القصاص عينًا سقط حقُّه منهما.

فإن قيل: فما تقولون فيما لو مات القاتل؟

قيل: في ذلك قولان:

أحدهما: تسقط الدية، وهو مذهب أبي حنيفة، لأن الواجب عندهم القِصاص عينًا وقد زال محل استيفائه بفعل الله تعالى، فأشبه ما لو مات العبد الجاني، فإن أرش الجناية لا ينتقل إلى ذمة السيِّد، وهذا بخلاف تلف الرهن وموت الضامن، حيث لا يسقط الحقُّ لثبوته في ذمة الراهن والمضمون عنه، فلم يسقط بتلف الوثيقة.

وقال الشافعي وأحمد: تتعيَّن الدية في تركته، لأنه تعذر استيفاء القصاص من غير إسقاطٍ فوجبت الدية لئلا يذهب حقُّ الورثة من الدم والدية مجانًا (٣).


(١) النسخ المطبوعة: «عدل».
(٢) انظر: «الإنصاف» (٢٥/ ٢٠٧ - ٢١٠)، و «الأم» (٧/ ٢٦ - ٢٧)، و «المدونة» (١١/ ٣٧٠، ١٦/ ٤٥٥) و «التبصرة» (١٣/ ٦٤٦٥)، و «بدائع الصنائع» (٧/ ٢٤١).
(٣) انظر المصادر السابقة.