للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثبت عن ابن عمر أنه سئل عن سنَّة الظهر في السفر فقال: لو كنت مسبِّحًا لأتممتُ (١). وهذا من فقهه - رضي الله عنه -، فإن الله سبحانه خفَّف عن المسافر (٢) من الرباعية (٣) شطرها، فلو شُرع له الركعتان قبلها وبعدها كان الإتمام أولى له.

وقد اختلف الفقهاء: أيُّ الصلاتين آكد: سنَّة الفجر أو الوتر؟ على قولين: ولا يمكن الترجيح باختلاف الناس في وجوب الوتر، فقد اختلفوا أيضًا في وجوب سنَّة الفجر. وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: سنَّة الفجر تجري مجرى بداية العمل، والوتر خاتمته. ولذلك كان يصلِّي سنَّة الفجر والوتر بسورتي الإخلاص (٤)، وهما الجامعتان لتوحيد العلم والعمل، وتوحيد المعرفة والإرادة، وتوحيد الاعتقاد والقصد. انتهى.

فسورة (قل هو الله أحدٌ) متضمنةٌ لتوحيد الاعتقاد والمعرفة، وما يجب إثباته للرَّبِّ تعالى من الأحديَّة المنافية لمطلق الشَّرِكة (٥) بوجه من الوجوه، والصَّمديَّة المثبِتة له جميعَ صفات الكمال الذي لا يلحقه نقصٌ بوجه من الوجوه، ونفي الولد والوالد الذي هو من لوازم صمديَّته (٦) وغناه وأحديَّته، ونفي الكُفْء المتضمِّن لنفي التشبيه والتمثيل والنظير. فتضمَّنت السورةُّ إثباتَ كلِّ كمال له، ونفيَ كلِّ نقص عنه، ونفيَ إثبات شبيه له أو مثل في


(١) أخرجه مسلم (٦٨٩) وهو جزء الحديث السابق.
(٢) ص، ق: «على المسافر»، وفي ك، ع: «على المسافرين».
(٣) ع: «الرباعيات».
(٤) انظر نحوه دون ذكر شيخ الإسلام في «بدائع الفوائد» (١/ ٢٤٤).
(٥) مب: «المشاركة».
(٦) ص، ج: « ... الوالد المقرِّر لكمال صمديَّته».