للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمَّا فقه المسألة فمتجاذبٌ، فإنَّ الزَّوج الثَّاني إذا هَدمتْ إصابتُه الثَّلاثَ، وأعادتْها إلى الأوَّل بطلاقٍ جديدٍ، فما دونها أولى. وأصحاب القول الأوَّل يقولون: لمَّا كانت إصابة الثَّاني شرطًا في حِلِّ المطلَّقة ثلاثًا للأوَّل لم يكن بدٌّ من هَدْمها وإعادتها على طلاقٍ جديدٍ، وأمَّا من طُلِّقت (١) دون الثَّلاث فلم تصادف إصابةُ الثَّاني فيها تحريمًا يُزِيله، ولا هي شرطٌ في الحلِّ للأوَّل، فلم تهدم شيئًا، فوجودها كعدمها بالنِّسبة إلى الأوَّل وإحلالِها له، فعادت على ما بقي كما لو لم يُصِبْها، فإنَّ إصابته لا أثرَ لها البتَّة ولا للأول، ونكاحه وطلاقه معلَّقٌ بها بوجهٍ مَّا لا تأثيرَ لها فيه (٢).

حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أن المطلقة ثلاثًا لا تَحِلُّ للأوّل

حتى يطأها الزوج الثاني

ثبت في «الصَّحيحين» (٣) عن عائشة: أنَّ امرأة رِفاعة القُرَظي جاءت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول اللَّه، إنَّ رِفاعة طلَّقني، فبتَّ طلاقي، وإنِّي نكحتُ بعده عبدَ الرحمن بن الزَّبِير القُرظي، وإنّما معه مثلُ الهُدْبة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لعلَّكِ تريدين أن ترجعي إلى رِفاعة؟ لا، حتَّى تذوقي عُسَيلتَه ويذوقَ عُسَيلتَكِ».

وفي «سنن النَّسائيِّ» (٤) عن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «العُسَيلة:


(١) د، ص: «طلق».
(٢) في المطبوع: «لا أثر لها البتة، ولا نكاحه، وطلاقه معلَّق بها بوجه ما، ولا تأثير لها فيه». والمثبت من الأصول.
(٣) أخرجه البخاري (٥٢٦٠)، ومسلم (١٤٣٣).
(٤) لم أجده فيه، ولا في «عشرة النساء»، وعزاه الحافظ لأحمد وأبي يعلى. وأخرجه أحمد في «المسند» (٢٤٣٣١)، وأبو يعلى (٤٨٨١)، والدارقطني في «السنن» (٣٦١٩)، وأبو نعيم في «الحلية» (٩/ ٢٢٦)، من طريق ابن أبي مليكة، عن عائشة. وقد اختلف في وصله وإرساله، ومداره في الوجهين على أبي عبد الملك المكي، وهو مجهول، وقال الألباني في «الإرواء» (٢٠٨٣): «صحيح المعنى». انظر: «المطالب العالية» (٨/ ٤٤٢).