للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلا يُمنَع من تسميته بالكرم (١)، كما قال في المسكين (٢) والرَّقوب (٣) والمفلس (٤)، أو المراد أنَّ تسميته بهذا مع اتِّخاذ الخمر المحرَّم منه وصفٌ بالكرم والخير والمنافع لأصل هذا الشَّراب الخبيث المحرَّم، وذلك ذريعةٌ إلى مدْحِ ما حرَّم الله وتهييجِ النُّفوس عليه؟ هذا محتملٌ (٥)، والله أعلم بمراد رسوله - صلى الله عليه وسلم -، والأولى أن لا يُسمَّى شجر العنب كَرْمًا.

فصل

وقال - صلى الله عليه وسلم -: «لا تَغلِبَنَّكم الأعرابُ على اسم صلاتكم، ألا وإنَّها العِشاء، وإنَّهم يُسمُّونها العَتَمَة» (٦)، وصحَّ عنه أنَّه قال: «لو يعلمون ما في العَتَمِة والصُّبح لأَتَوهما ولو حَبْوًا» (٧)، فقيل: هذا ناسخٌ للمنع، وقيل بالعكس، والصَّواب خلاف القولين، فإنَّ العلم بالتاريخ متعذِّرٌ، ولا تعارضَ بين


(١) ك، ج: «بهذا الكرم».
(٢) رواه البخاري (١٤٧٩) ومسلم (١٠٣٩/ ١٠١) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٣) رواه مسلم (٢٦٠٨) من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه -.
(٤) رواه البخاري معلقًا (٨/ ٤٢)، ووصله مسلم (٢٥٨١) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٥) هنا وقع تردد للمؤلف في اختيار أحد القولين في علة النهي عن تسمية العنب كرمًا، لكنه رجح الأول في «تهذيب السنن» (٣/ ٣٧٧) و «مفتاح دار السعادة» (٢/ ٦٥٩).
(٦) رواه مسلم (٦٤٤/ ٢٢٨، ٢٢٩) من حديث عبد الله بن عمر، وتتمته في الموضع الأول: «وهم يعتمون بالإبل» وفي الثاني: «وإنها تعتم بحلاب الإبل»؛ دون زيادة: «وإنهم يسمونها العتمة». وهي بنحوها عند الحميدي (٦٥٢) وأحمد (٤٦٨٨). وزاد الشافعي: «وكان ابن عمر إذا سمعهم يقولون: العتمة، صاح وغضب»، انظر: «الأوسط» لابن المنذر (٣/ ٦٩).
(٧) رواه البخاري (٦١٥) ومسلم (٤٣٧) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.