للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سيِّدكم، إنَّه لغيورٌ، وأنا أغيرُ منه، والله أغيرُ منِّي».

وفي لفظٍ (١): لو رأيتُ مع امرأتي رجلًا لضربته بالسَّيف غير مُصْفَحٍ (٢)، فقال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «أتعجبون من غيرة سعدٍ؟ فواللَّه لأنا أغيرُ منه، والله أغيرُ منِّي، من أجْلِ ذلك حرَّم الفواحشَ ما ظهر منها وما بطن. ولا شخصَ أغيرُ من اللَّه، ولا شخصَ أحبُّ إليه العذرُ من اللَّه، من أجلِ ذلك بعث الله المرسلين مبشِّرين ومنذرين، ولا شخصَ أحبُّ إليه المِدْحةُ من اللَّه، من أجل ذلك وعدَ الله الجنَّة».

فصل

فاستُفيد من هذا الحكم النَّبويِّ عدة أحكامٍ:

الحكم الأوَّل: أنَّ اللِّعان يصحُّ من كلِّ زوجين، سواءٌ كانا مسلمين أو كافرين، عدلينِ أو فاسقين، محدودينِ في قذفٍ أو غير محدودين أو أحدهما. كذلك قال الإمام أحمد في رواية إسحاق بن منصورٍ (٣): جميع الأزواج يلتعنون؛ الحرُّ من الحرَّة والأمة إذا كانت زوجةً، والعبد من الحرَّة والأمة إذا كانت زوجةً، والمسلم من اليهوديَّة والنَّصرانيَّة. وهذا قول مالك وإسحاق، وقول سعيد بن المسيِّب والحسن وربيعة وسليمان بن يسارٍ (٤).


(١) أخرجه البخاري (٧٤١٦)، ومسلم (١٤٩٩) من حديث المغيرة بن شعبة.
(٢) يروى بكسر الفاء وفتحها، والمعنى غير ضاربٍ بصفح السيف وهو جانبه، ومن فتحها جعلها وصفًا للسيف وحالًا منه.
(٣) كما في «المغني» (١١/ ١٢٢). ولم أجدها في «المسائل».
(٤) أما الحسن فقوله عند عبد الرزاق (١٢٥٠٦) من طريق الثوري عن يونس عنه، وسنده صحيح. وانظر بقية الأقوال في «المغني» (١١/ ١٢٢).