للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد ظنَّ طائفةٌ من النَّاس أنَّ هذه الأحاديث معارَضةٌ بأحاديث أخر تُبطِلها وتناقضها. فمنها: ما رواه الترمذي من حديث عبد الله بن عمر (١) أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخذ بيد رجلٍ مجذومٍ، فأدخلها معه في القصعة، وقال: «كُلْ بسم الله ثقةً باللَّه وتوكُّلًا عليه». ورواه ابن ماجه من حديث جابر بن عبد الله (٢). وبما ثبت في «الصَّحيح» عن أبي هريرة عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: «لا عدوى ولا طيرة» (٣).

ونحن نقول: لا تعارض بحمد الله بين أحاديثه الصَّحيحة. فإذا وقع التَّعارض فإمَّا أن يكون أحد الحديثين ليس من كلامه - صلى الله عليه وسلم -، وقد غلِط فيه


(١) كذا وقع في هذا الموضع متابعةً للحموي الذي قال بعد ما أورد الحديث عن جابر: «خرَّجه ابن أبي شيبة وابن ماجه. ورواه الترمذي عن عبد الله بن عمر»، وإنَّما رواه التِّرمذيُّ من حديث جابر كما سيأتي قريبًا في كلام المصنف على الصواب.
(٢) برقم (٣٥٤٢). وأخرجه أيضًا الترمذي (١٨١٧)، وأبو داود (٣٩٢٥)، وابن أبي شيبة (٢٥٠٢٤)، وعبد بن حُميد (١٠٩٠)، وغيرهم. قال التِّرمذيُّ: «هذا حديثٌ غريبٌ، لا نعرفه إلا من حديثِ يونس بن محمَّد، عن المفضَّل بن فضالة، والمفضَّل هذا شيخٌ بصريٌّ»، ورجَّح وقفَه البخاريُّ كما في «العلل الكبير» (١/ ٣٠٢)، والتِّرمذيُّ، والعقيليُّ في «الضُّعفاء» (٤/ ٢٤٢). وصحَّح المرفوعَ ابن حبَّان (٦١٢٠)، والحاكم (٤/ ١٣٦ - ١٣٧)، لكن تفرَّد به المفضَّل وهو ضعيفٌ، بل قال ابن عديٍّ في «الكامل» (٨/ ١٤٩): «لم أرَ له أنكر من هذا الحديث»؛ ولذا قال المصنِّف فيما سيأتي: «لا يثبُت ولا يصحُّ»، وتبِعه ابن مفلِح في «الآداب الشَّرعيَّة» (٣/ ٣٦٠)، وقال ابن حجر في «الفتح» (١٠/ ١٦٠): «فيه نظر»، وينظر: «السِّلسلة الضَّعيفة» (١١٤٤). وفي الباب عن أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٣) أخرجه البخاري (٥٧٠٧) ومسلم (٢٢٢٠).