للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والثَّاني: لأنَّ هذه العلَّة تُجهِّم وجهَ صاحبها، وتجعله في سَحْنة الأسد.

والثَّالث: أنَّه يفترس من يقرَبه ويدنو منه بدائه افتراسَ الأسد (١).

وهذه العلَّة عند الأطبَّاء من العلل المُعْدِية المتوارَثة. ومُقارِبُ المجذوم وصاحبِ السِّلِّ يسقَم برائحته. فالنَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لكمال شفقته على الأمَّة ونصحه لهم نهاهم عن الأسباب الَّتي تعرِّضهم لوصول العيب والفساد إلى أجسامهم وقلوبهم. ولا ريب أنَّه قد يكون في البدن تهيُّؤٌ واستعدادٌ كامنٌ لقبول هذا الدَّاء، وقد تكون الطَّبيعة سريعةَ الانفعال قابلةً للاكتساب من أبدانِ مَن تجاوره وتخالطه فإنَّها نقَّالةٌ. وقد يكون خوفُها من ذلك ووهمُها من أكبر أسباب إصابة تلك العلَّة لها، فإنَّ الوهم فعَّالٌ مستولٍ على القوى والطَّبائع. وقد تصل رائحة العليل إلى الصَّحيح، فتُسْقِمه؛ وهذا معايَنٌ في بعض الأمراض. والرَّائحة أحد أسباب العدوى. ومع هذا كلِّه فلا بدَّ من وجود استعداد البدن وقبوله لذلك الدَّاء. وقد تزوَّج النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - امرأةً، فلمَّا أراد الدُّخول بها وجد بكَشْحِها بياضًا، فقال: «الحَقي بأهلِكِ» (٢).


(١) لفظ الحموي: «لأنه يفترس من يعتريه فرسَ الأسد»، وهو أوجز وأحكم.
(٢) أخرجه أحمد (١٦٠٣٢) من طريق جميل بن زيد، عن شيخٍ من الأنصار ذكر أنَّه كانت له صحبةٌ يقال له: كعب بن زيد أو زيد بن كعب بنحوه. وهذا حديث ضعيفٌ جدًّا تفرَّد به جَميلٌ وهو متروكٌ، وقد اضطرَب فيه؛ ولذا تتابع الأئمَّةُ وأهلُ العلم على تضعيفِه، ينظر: «الكامل» (٢/ ٤٢٨)، «العلل» للدَّارقطنيِّ (١٣/ ١٥١)، «المحلَّى» (٩/ ٧٩، ٢٨٨)، «السُّنن الكبرى» للبيهقيِّ (٧/ ٢١٤، ٢٥٧)، «الاستيعاب» (٢/ ٥٩١، ٣/ ١٣١٧)، «تنقيح التَّحقيق» (٢٧٦٠)، «البدر المنير» (٧/ ٤٨٤)، «مجمع الزَّوائد» (٤/ ٣٠٠)، «إتحاف الخيرة» (٤/ ٤٠)، «التَّلخيص الحبير» (٣/ ٢٩٥، ٣٨٣)، «الإرواء» (١٩١٢).