للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العِير في الجاهلية إلى نجران فيُشترى لهما من بُرِّها وثمرها وذُرَتها ــ فوجدوهما في ناسٍ من المهاجرين والأنصار (١) في مجلس، فقالوا: يا عثمان ويا عبد الرحمن، إن نبيكم كتب إلينا بكتابٍ فأقبلنا مجيبين له، فأتيناه فسلَّمنا عليه فلم يَرُدَّ (٢)

سلامنا، وتصدَّينا لكلامه نهارًا طويلًا فأعيانا أن يكلمنا، فما الرأي منكما أنعود؟ فقالا لعلي بن أبي طالب وهو في القوم: ما ترى يا أبا الحسن في هؤلاء القوم؟ فقال علي لعثمان وعبد الرحمن: أرى أن يضعوا حللهم هذه وخواتيمهم ويلبسوا ثيابَ سفرهم ثم يأتوا إليه، ففعل الوفد ذلك ووضعوا حللهم وخواتيمهم، ثم عادوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسلَّموا عليه فردَّ سلامهم، ثم سألهم وسألوه، فلم تزل به وبهم المسألة حتى قالوا له: ما تقول في عيسى؟ فإنا نرجع إلى قومنا ونحن نصارى فيسرُّنا إن كنت نبيًّا أن نعلم ما تقول فيه؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما عندي فيه شيء يومي هذا، فأقيموا حتى أخبركم بما يقال لي في عيسى»، فأصبح الغد وقد أنزل الله عز وجل: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٥٩) الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (٦٠) فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ} [آل عمران: ٥٩ - ٦١] فأَبَوا أن يُقِرُّوا بذلك.

فلما أصبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الغد بعدما أخبرهم الخبر أقبل مشتملًا على الحسن والحسين في خميل له وفاطمة تمشي عند ظهره للمباهلة، وله يومئذٍ


(١) د، ث، ن، المطبوع: «الأنصار والمهاجرين». وكذا في ف إلا أنه رسم فوق كلتا الكلمتين «مـ» إشارة إلى المقدم والمؤخر.
(٢) زِيد بعده في ث، المطبوع: «علينا». وهو كذلك في د إلا أنه كُتب فوقه علامة الحذف «حـ». وليس في مصدر النقل ..