للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - يقول: هديُ نبيِّنا - صلى الله عليه وسلم - كان أكمل من هدي هذا العارف، فإنه أعطى العبودية حقَّها، فاتسع قلبه للرضى عن الله ورحمة الولد والرِّقَّة عليه، فحمد الله، ورضي عنه في قضائه، وبكى رحمةً ورقَّة (١). فحملته الرحمةُ (٢) على البكاء، وعبوديتُه لله ومحبتُه له على الرضى والحمد. وهذا العارف ضاق قلبه عن اجتماع الأمرين، ولم يتسع بطانُه (٣) لشهودهما والقيام بهما، فشغلته (٤) عبودية الرضى عن عبودية الرحمة والرِّقَّة (٥).

فصل

وكان من هديه: الإسراع بتجهيز الميت إلى الله، وتطهيره وتنظيفه، وتطييبه، وتكفينه في ثياب البياض؛ ثم يؤتى به إليه، فيصلِّي عليه، بعد أن كان يدعى إلى الميت عند احتضاره، فيقيم عنده حتى يقضي، ثم يحضر تجهيزه، ويصلِّي عليه، ويشيِّعه إلى قبره. ثم رأى الصحابة أنَّ ذلك يشقُّ عليه، فكانوا إذا قضى الميِّت


(١) مب: «ورأفة».
(٢) مب: «الرأفة».
(٣) ك: «نطاقه»، ولعله مغيَّر لأن في أختها ع كما في النسخ الأخرى. وفي النسخ المطبوعة: «باطنه» وهو تصرف من بعضهم. والبطان في الأصل: حزام القتَب الذي يجعل تحت بطن البعير. وسعة البطان كناية عن سعة الصدر. وقد استعملها المؤلف في غير موضع من كتبه. انظر مثلًا: «الروح» (١/ ٣٠٩) و «مدارج السالكين» (٢/ ٣٩٣) و «مفتاح دار السعادة (٢/ ٨٢٨).
(٤) م، ق، مب: «فشغله».
(٥) مب: «والرأفة». وقد حكى المؤلف كلام شيخه عنه في «تحفة المودود» (ص ١٥٦)، ولم يسمه في «روضة المحبين» (ص ٤٠٧) و «مدارج السالكين» (٢/ ٢٠٢). وانظر نحوه في «مجموع الفتاوى» (١٠/ ٤٧).