للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

في هديه في علاج الجُرْح (١)

في «الصَّحيحين» (٢) عن أبي حازم أنَّه سمع سهلَ بن سعدٍ يُسأل عمَّا دُووِيَ به جُرحُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم أحدٍ، فقال: جُرِح وجهُه، وكُسِرت رَبَاعِيَتُه، وهُشِمت البيضةُ على رأسه. وكانت فاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تغسل الدَّم، وكان عليُّ بن أبي طالبٍ يسكُب عليها بالمِجَنِّ. فلمَّا رأت فاطمةُ الدَّم لا يزيد إلا كثرةً أخذَتْ قطعةَ حصيرٍ، فأحرَقَتْها، حتَّى إذا صارت رمادًا ألصقَتْه بالجرح، فاستمسك الدَّم.

لرماد (٣) الحصيرِ المعمولِ من البرديِّ فعلٌ قويٌّ في حبس الدَّم، لأنَّ فيه تجفيفًا قويًّا وقلَّةَ لذعٍ، فإنَّ الأدوية القويَّة التَّجفيف إذا كان فيها لذعٌ هيَّجت (٤) الدَّمَ وجلَبته. وهذا الرَّماد إذا نُفِخ وحده أو مع الخلِّ في أنف الرَّاعف قطَع رُعافَه.

وقال صاحب «القانون» (٥): البرديُّ ينفع (٦) من النَّزْفِ ويمنعه، ويُذَرُّ على الجراحات الطَّريَّة فيدمُلها. والقرطاس المصريُّ كان قديمًا يُعمَل منه.


(١) كتاب الحموي (ص ٩٧).
(٢) البخاري (٢٩١١) ومسلم (١٧٩٠).
(٣) تصحف في ن إلى «برماد»، فتعلق بالجملة السابقة، واختل السياق، فزاد بعضهم: «وله» بعد «البردي»، وكذا في النسخ المطبوعة.
(٤) د: «هيَّج»، خطأ.
(٥) (١/ ٤١٠ - ٤١١).
(٦) يعني: رماده.