للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَعلم معه ما يقول، وكذلك ينفذ حكمه وتصحُّ عقوده، فلو بلغ به الغضب إلى حدِّ الإغلاق لم تنعقد يمينه ولا طلاقه. قال أحمد في رواية حنبل (١) في حديث عائشة: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا طلاق ولا عتاق في إغلاق» (٢): يريد الغضب.

فصل

ومنها: قوله: «ما أنا حملتكم ولكن الله حملكم» قد يتعلق به الجبري، ولا متعلَّق له به، وإنما هذا مثل قوله: «واللهِ لا أعطي أحدًا شيئًا ولا أمنع وإنما أنا قاسمٌ أَضَع حيث أُمرت» (٣)، فإنه عبد الله ورسوله؛ إنما يتصرف بالأمر، فإذا أمره ربُّه بشيء نفَّذه، فالله هو المعطي والمانع والحامل، والرسولُ منفِّذٌ لما أمر به.

وأما قوله تعالى: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} [الأنفال: ١٧]، فالمراد به القبضة من الحصا (٤) التي رمى بها وجوه المشركين فوصلت إلى عيون جميعهم، فأثبت سبحانه له الرمي باعتبار النبذ والإلقاء فإنه فعله، ونفاه عنه باعتبار الإيصال إلى جميع المشركين، وهذا فعل الرب تعالى لا تصل


(١) نقلها أبو بكر غلام الخلال في «زاد المسافر» (٣/ ٢٧٣) وفي «الشافي»، كما في «أعلام الموقعين» للمؤلف (٢/ ٥٠٧).
(٢) أخرجه أحمد (٢٦٣٦٠) وأبو داود (٢١٩٣) وابن ماجه (٢٠٤٦) والحاكم (٢/ ١٩٨) من حديث عائشة بإسناد ضعيف، وقد تعقّب الذهبي على الحاكم تصحيحه. وانظر: «البدر المنير» (٨/ ٨٤) و «أنيس الساري» (٤٤٣٣).
(٣) أخرجه أحمد (١٠٢٥٧) والبخاري (٣١١٧) بنحوه.
(٤) ز، س، ن، المطبوع: «الحصباء».