للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجاءه برأسه فوضعه بين يديه ــ، فأعطاه عصًا فقال: «هذه آية بيني وبينك يوم القيامة» (١)، فلما حضرته الوفاة أوصى أن تجعل معه في أكفانه، وكانت غيبته ثمان عشرة ليلةً، وقدم يوم السبت لسبعٍ بقين من المحرم.

فلما كان صفر قَدِم عليه قومٌ من عَضَلٍ والقارة، وذكروا أن فيهم إسلامًا، وسألوه أن يبعث معهم من يُعلِّمهم الدينَ ويقرئهم القرآن، فبعث معهم ستةَ نفرٍ في قول ابن إسحاق (٢) ــ وقال البخاري (٣): كانوا عشرةً ــ وأمَّر عليهم مرثد بن أبي مرثد الغنوي، وفيهم خُبَيب بن عدي، فذهبوا معهم.

فلما كانوا بالرَّجيع ــ وهو ماء لهُذَيلٍ بناحية الحجاز (٤) ــ غدروا بهم واستصرخوا عليهم هذيلًا، فجاءوا حتى أحاطوا بهم، فقتلوا عامَّتهم


(١) أخرجه ابن إسحاق ــ ومن طريقه أحمد (١٦٠٤٧) وأبو داود (١٢٤٩) وابن خزيمة (٩٨٢) وابن حبان (٧١٦٠) والبيهقي في «الدلائل» (٤/ ٤٢) ــ عن عبد الله بن أنيس بإسناد حسن. وانظر خبر السرية عند عروة بن الزبير وموسى بن عقبة، كما في «الدلائل» للبيهقي (٤/ ٤٠، ٤١)، وليس عندهما قوله - صلى الله عليه وسلم - هذا.
(٢) كما في «سيرة ابن هشام» (٢/ ١٦٩).
(٣) ورد ذلك عنده في «صحيحه» (٤٠٨٦) ضمن حديث أبي هريرة الطويل في خبر القصة، وفيه أيضًا أنه أمَّر عليهم عاصم بن ثابت الأنصاري، خلافًا لما ذكره المؤلف نقلًا عن ابن إسحاق.
(٤) ذكر عاتق البلادي بأنه يعرف اليوم بـ «الوطية»، يقع شمال مكة على قرابة ٧٠ كيلًا قبيل عُسفان في طرف قرية «الشامية»، وقال: إنه ماء دائم لا يغور، تكرعه الإبل بأعناقها. انظر: «المعالم في السيرة» (ص ١٣٨) و «معجم معالم الحجاز» (ص ٦٧٩).