للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واستأسروا خبيبَ بن عدي وزيدَ بن الدَّثِنَة، فذهبوا بهما فباعوهما بمكة، وكانا قتلا من رؤوسهم يوم بدر، فأما خبيب فمكث عندهم مسجونًا، ثم أجمعوا قتله (١) فخرجوا به من الحرم إلى التنعيم، فلما أجمعوا صَلْبَه (٢) قال: دعوني حتى أركع ركعتين، فتركوه فصلّاهما، فلما سلَّم قال: والله لولا أن تقولوا: إنّ ما بي جزع، لزدت، ثم قال: اللهم أحصِهم عددًا واقتُلهم بددًا ولا تُبقِ منهم أحدًا، ثم قال:

لقد جمَّع الأحزابُ حولي وألَّبوا ... قبائلَهم واستجمعوا كل مَجْمع

وقد قرَّبُوا أبناءَهم ونساءهم ... وقُرِّبتُ من جذعٍ طويل مُمَنَّعِ

إلى الله أشكو غربتي بعد كربتي ... وما أجمعَ الأحزابُ لي عند مضجعي

فذا العرش صبِّرْني على ما يراد بي ... فقد بضَّعُوا لحمي وقد ياس مطمعي

وقد خيروني الكفر والموتُ دونه ... وقد ذرفت عينايَ من غير مدمع

وما بي حِذارُ الموت إنّي لميّت ... وإنّ إلى ربي إيابي (٣) ومرجعي

ولست أبالي حين أقتل مسلمًا ... على أي شقٍّ كان في الله مضجعي (٤)

وذلك في ذات الإله وإن يشأ ... يبارك على أوصال شِلْوٍ مُمَزَّع (٥)


(١) ق، ب، ن: «على قتله».
(٢) م، ق، ب: «على صلبه».
(٣) م، ق، ب: «مآلي». والشطر الثاني عند ابن إسحاق: «ولكن حذاري حَجمُ نارٍ مُلفَّعِ».
(٤) ز، ع: «مصرعي»، وهو لفظ البخاري.
(٥) هذه الأبيات مع بيتين آخرين ذكرهما ابن إسحاق كما في «سيرة ابن هشام (٢/ ١٧٦). قال ابن هشام: بعض أهل العلم بالشعر ينكر كونها لخُبيب. قلتُ: وقد صحَّ منها البيتان الأخيران (من المذكورة هنا) في حديث أبي هريرة عند البخاري.