للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نحو المسلمين، فكان أول من عرفه تحت المِغفر كعبُ بن مالك، فصاح بأعلى صوته: يا معشر المسلمين أبشروا هذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -! فأشار إليه أن: اسكُتْ، واجتمع إليه المسلمون ونهضوا معه إلى الشعب الذي نزل فيه، وفيهم: أبو بكر، وعمر، وعلي، والحارث بن الصمة الأنصاري وغيرهم.

فلما أسندوا (١) إلى الجبل أدرك رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أُبَيَّ بن خلف على جواد يقال له: العَوذ، زعم عدو الله أنه يقتل عليه رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما اقترب منه تناول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحربة من الحارث بن الصمَّة فطعنه بها فجاءت في تَرقُوَتِه، فكرَّ عدو الله منهزمًا فقال له المشركون: واللهِ ما بك من بأس، فقال: واللهِ لو كان ما بي بأهل ذي المجاز لماتوا أجمعين؛ وكان يعلف فرسه بمكة ويقول: أقتل عليه محمدًا، فبلغ ذلك رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «بل أنا أقتله إن شاء الله»، فلما طعنه تذكَّر عدو الله قوله: إنه قاتله فأيقن بأنه مقتول من ذلك الجرح، فمات منه في طريقه بسَرِف (٢) مرجعَه إلى مكة (٣).


(١) ص، د: «اشتدوا»، تصحيف. وفي المطبوع: «استندوا».
(٢) وادٍ في شمال مكة، يقطعه طريق مكة إلى المدينة على بُعد عشرة كيلومتراتٍ من التنعيم في قرية النَّوارية، ولا يزال الوادي معروفًا بهذا الاسم.
(٣) قصة قتل النبي - صلى الله عليه وسلم - أبيًّا ذكرها عروة (من رواية ابن لهيعة عن أبي الأسود عنه) وموسى بن عقبة، كما في «الدلائل» (٣/ ٢٥٨، ٢١١). ورواها ابن إسحاق ــ كما في «سيرة ابن هشام» (٢/ ٨٤) ــ عن صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف مُرسلًا. وأسندها الواقدي في «مغازيه» (١/ ٢٥١) من حديث كعب بن مالك بنحوه. وأخرجها عبد الرزاق (٩٧٣١) من حديث ابن عبَّاس بإسناد واهٍ، ومن مرسل الزهري بإسناد صحيح إليه.