للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صلاح القلب والبدن والدُّنيا والآخرة.

ولم يكن يأخذ من النَّوم فوق القدر المحتاج إليه، ولا يمنع نفسه من القدر المحتاج إليه منه. وكان يفعله على أكمل الوجوه، فينام إذا دعته الحاجة إلى النَّوم على شقِّه الأيمن ذاكرًا لله حتَّى تغلبه عيناه، غيرَ ممتلئ البدن من الطَّعام والشَّراب، ولا مباشرٍ بجنبه الأرض، ولا متَّخذٍ للفُرُش المرتفعة. بل له ضِجاعٌ من أَدَمٍ حشوُه لِيفٌ. وكان يضطجع على الوسادة، ويضع يده تحت خدِّه أحيانًا.

ونحن نذكر فصلًا في النَّوم والنَّافع (١) منه والضَّارِّ، فنقول (٢):

النَّوم: حالةٌ للبدن يتبعها غورُ الحرارة الغريزيَّة والقوى إلى (٣) باطن البدن لطلب الرَّاحة. وهو نوعان: طبيعيٌّ وغير طبيعيٍّ. فالطَّبيعيُّ إمساك القوى النَّفسانيَّة عن أفعالها، وهي قوى الحسِّ والحركة الإراديَّة. ومتى أمسكت هذه القوى عن تحريك البدن استرخى، واجتمعت الرُّطوبات والأبخرة الَّتي كانت تتحلَّل وتتفرَّق بالحركات واليقظة في الدِّماغ الذي هو مبدأ هذه القوى، فيخدَر (٤) ويسترخي. وذلك النَّوم الطَّبيعيُّ.

وأمَّا النَّوم غير الطَّبيعيِّ فيكون لعرضٍ أو مرضٍ. وذلك بأن تستولي


(١) س، ث، ل: «النافع» دون الواو قبله.
(٢) هذا الفصل منقول بتصرف من كتاب الحموي (ص ٢٠٠ - ٢٠٦).

(٣) حرف «إلى» ساقط من د.
(٤) ن: «فيتخدَّر». والفعلان مهملان في الأصل وبعض النسخ، وفي بعضها: «فتخدر وتسترخي». وفي مخطوط كتاب الحموي (ق ٥٥/ب): «فتخدر ويسترخي»، وكذا في د.