والرِّواية الثَّانية عنه: أنَّ الزَّوج إذا نكَلَ عن اليمين حُبِس، فإن طال حبْسُه تُرِك.
واختلفت الرِّواية عن الإمام أحمد: هل يُقضى بالنُّكول في دعوى المرأة الطَّلاق؟ على روايتين. ولا أثر عنده لإقامة الشَّاهد الواحد؛ بل إذا ادَّعت عليه الطَّلاق، ففيه روايتان في استحلافه، فإن قلنا: لا يُستحلَف لم يكن لدعواها أثرٌ، وإن قلنا: يستحلف، فأبى، فهل يحكم عليه بالطَّلاق؟ فيه روايتان. وسيأتي إن شاء الله الكلامُ في القضاء بالنُّكول، وهل هو إقرارٌ أو بدلٌ أو قائمٌ مقام البيِّنة؟ في موضعه من هذا الكتاب.
حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في تخيير أزواجه بين المُقَام معه
وبين مفارقتهن له
ثبت في «الصَّحيحين»(١) عن عائشة قالت: لمَّا أُمِر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بتخيير أزواجه بدأ بي، فقال:«إنِّي ذاكرٌ لكِ أمرًا، فلا عليكِ أن لا تَعْجَلي حتى تستأمري أبويك». قالت: وقد عَلِم أنَّ أَبويَّ لم يكونا ليأمراني بفراقه، ثمَّ قرأ {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (٢٨) وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب: ٢٨ - ٢٩]. فقلت: في هذا أَستأمر أبويَّ؟ فإنِّي أريد الله ورسوله والدَّار الآخرة. قالت عائشة: ثمَّ فعل أزواج النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مثلَ ما فعلتُ، فلم يكن ذلك طلاقًا.
قال ربيعة وابن شهابٍ: فاختارت واحدةٌ منهنَّ نفسَها فذهبتْ، وكانت البتَّة. قال ابن شهابٍ: وكانت بدويَّةً. قال عمرو بن شعيبٍ: وهي ابنة