للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دون النِّكاح وتوابعه. والله أعلم.

الرَّابع: أنَّ النُّكول بمنزلة البيِّنة، فلمَّا أقامت شاهدًا واحدًا ــ وهو شطر البيِّنة ــ كان النُّكول قائمًا مقامَ تمامِها.

ونحن نذكر مذاهب النَّاس في هذه المسألة، فقال أبو القاسم بن الجَلَّاب في «تفريعه» (١): وإذا ادَّعت المرأة الطَّلاقَ على زوجها لم يُحلَّف بدعواها، فإن أقامت على ذلك شاهدًا واحدًا لم تُحلَّف مع شاهدها، ولم يثبت الطَّلاق على زوجها.

وهذا الذي قاله لا يُعلَم فيه نزاعٌ بين الأئمَّة الأربعة.

قال: ولكن يُحلَّف لها زوجُها، فإن حَلَفَ برئ من دعواها.

قلت: هذا فيه قولان للفقهاء، وهما روايتان عن الإمام أحمد، إحداهما: أنَّه يُحلف لدعواها، وهي مذهب الشَّافعيِّ ومالك وأبي حنيفة. والثَّانية: لا يحلف.

فإن قلنا: لا يُحلَّف، فلا إشكال. وإن قلنا: يُحلَّف، فنكَلَ عن اليمين، فهل يُقضى عليه بطلاق زوجته بالنُّكول؟ فيه روايتان عن مالك (٢):

إحداهما: أنَّها تَطْلُق عليه بالشَّاهد والنُّكول عملًا بهذا الحديث، وهذا اختيار أشهب، وهذا في غاية القوَّة؛ لأنَّ الشَّاهد والنُّكول سببان من جهتين مختلفتين، فقوي جانب المدَّعي بهما، فحُكِم له، فهذا مقتضى الأثر والقياس.


(١) (٢/ ٥٢).
(٢) كما في «التفريع» (٢/ ٥٢).