للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد دلَّ حديث عمرو بن شعيبٍ هذا على أنَّه يثبت بشاهدٍ ونُكولِ الزَّوج، وهو الصَّواب إن شاء الله، فإنَّ حديث عمرو بن شعيبٍ عن أبيه عن جدِّه لا يُعرَف من أئمَّة الإسلام إلا من احتجَّ به، وبنى عليه مذهبَه (١) وإن خالفه في بعض المواضع. وزهير بن محمد الرَّاوي (٢) عن ابن جريجٍ ثقةٌ محتجٌّ به في الصَّحيحين. وعمرو بن أبي سلمة هو أبو حفص التنِّيسي محتجٌّ به في الصَّحيحين أيضًا. فمن احتجَّ بحديث عمرو بن شعيبٍ فهذا من أصحِّ حديثه.

الثَّاني: أنَّ الزَّوج يُستحلَف في دعوى الطَّلاق إذا لم تُقِم المرأةُ بيِّنةً، لكن إنَّما استحلفه مع قوَّة جانب الدَّعوى بالشَّاهد.

الثَّالث: أنَّه يُحكم في الطَّلاق بشاهدٍ ونُكولِ المدَّعى عليه. وأحمد في إحدى الرِّوايتين عنه يحكم بوقوعه بمجرَّد النُّكول من غير شاهدٍ، فإذا ادَّعت المرأة على زوجها الطَّلاق، وأحلفناه لها في إحدى الرِّوايتين فنكَلَ= قُضِي عليه، فإذا أقامت شاهدًا واحدًا، ولم يحلف الزَّوج على عدم دعواها، فالقضاء بالنُّكول عليه في هذه الصُّورة أقوى.

وظاهر الحديث أنَّه لا يُحكَم على الزَّوج بالنُّكول، إلا إذا أقامت المرأة شاهدًا واحدًا، كما هو إحدى الرِّوايتين عن مالكٍ، وأنَّه لا يُحكَم عليه بمجرَّد دعواها مع نكوله. لكن من يقضي عليه به يقول: النُّكول إمَّا إقرارٌ وإمَّا بيِّنةٌ، وكلاهما يُحكَم به. ولكن ينتقض هذا عليه بالنُّكول في دعوى القصاص، ويُجاب بأنَّ النُّكول بَدَلٌ استُغِنيَ به فيما يُباح بالبدل، وهو الأموال وحقوقها


(١) «مذهبه» ليست في المطبوع.
(٢) د، ص، ز، ب: «الرازي»، تصحيف.