للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذه الأخوة في الإسلام وإن كانت عامةً كما قال: «وددت أنَّا قد رأينا إخواننا»، قالوا: ألسنا إخوانك؟ قال: «أنتم أصحابي، وإخواني قوم يأتون من بعدي يؤمنون بي ولم يَرَوني» (١) = فلِلصِّديق من هذه الأخوة أعلى مراتبها، كما له من الصحبة أعلى مراتبها، فالصحابة لهم الأخوة ومزيَّةُ الصحبة، ولأتباعه بعدَهم الأخوة دون الصحبة.

فصل

ووادع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مَن بالمدينة من اليهود، وكتب بينه وبينهم كتابًا (٢)، وبادَرَ حَبْرُهم وعالمُهم عبد الله بن سلام فدخل في الإسلام، وأبى عامتُهم إلا الكفر (٣).

وكانوا ثلاث قبائل: بنو قَينُقاع، وبنو النَّضِير، وبنو قُريظة؛ وحاربتْه الثلاثة، فمنَّ على بني قينقاع، وأجلى بني النضير، وقَتل بني قريظة وسبى ذريتهم، ونزلت سورة الحشر في بني النضير، وسورةُ الأحزاب في بني قريظة.

فصل

وكان يصلي إلى قبلة بيت المقدس ويحبُّ أن يُصْرَف إلى الكعبة، وقال لجبريل: «وددتُ أن الله صرف وجهي عن قبلة اليهود»، فقال: إنما أنا عبد، فادعُ ربك وسَلْه؛ فجعل يُقلِّب وجهَه في السماء يرجو ذلك، حتى أنزل الله


(١) أخرجه مسلم (٢٤٩) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٢) انظر خبر الموادعة عند موسى بن عقبة كما في «البداية والنهاية» (٦/ ٣٦ - ٣٧)، وابن إسحاق كما في «سيرة ابن هشام» (١/ ٥٠١)، والواقدي في «مغازيه» (١/ ١٧٦).
(٣) انظر خبر عبد الله بن سلام واليهود عند البخاري (٣٣٢٩، ٣٩١١) من حديث أنس.