للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واتَّخذ فيها عليًّا أخًا لنفسه (١)، والثبت الأول. والمهاجرون كانوا مستغنين بأخوة الإسلام وأخوة الدار وقَرابة النسب عن عقد مواخاةٍ، بخلاف المهاجرين مع الأنصار (٢).

ولو واخى بين المهاجرين لكان أحقَّ الناس بأخوته أحبُّ الخلق إليه ورفيقُه في الهجرة، وأنيسُه في الغار، وأفضل الصحابة، وأكرمُهم عليه: أبو بكر الصديق، وقد قال: «لو كنتُ متخذًا من أهل الأرض خليلًا، لاتخذت أبا بكر خليلًا ولكن أخوة الإسلام أفضل» (٣)، وفي لفظ: «ولكن أخي وصاحبي» (٤).


(١) أخرجه الترمذي (٣٧٢٠) والحاكم (٣/ ١٤) وابن عدي في «الكامل» (٢/ ١٦٦) من حديث ابن عمر قال ــ واللفظ للحاكم ــ: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آخى بين أصحابه، فآخى بين أبي بكر وعمر، وبين طلحة والزبير، وبين عثمان وعبد الرحمن بن عوف، فقال علي: يا رسول الله إنك قد آخيتَ بين أصحابك فمن أخي؟ قال: «أما ترضى يا عليُّ أن أكون أخاك؟». وإسناده واه، ووسمه شيخ الإسلام بالكذب. انظر: «منهاج السنة» (٥/ ٧١) و «الضعيفة» (٣٥١).
(٢) ولكن مع هذا، لا يمنع أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - آخى بين أفراد قلائل من المهاجرين بعضهم مع بعض تنزيلًا لذوي السعة واليسار منهم منزلةَ الأنصار، لا سيما وأن بعضهم لم يكن من قريش حتى يستغني بقرابة النسب عن عقد المؤاخاة؛ فقد ثبت من غير وجه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - آخى بين عبد الله بن مسعود والزبير بن العوّام. انظر: «سير أعلام النبلاء» (١/ ٤٦٧) و «الفتح» (٧/ ٢٧١) و «الصحيحة» (٣١٦٦).
هذا، وسيأتي في قصة عمرة القضية (ص ٤٥٥) إثبات المؤلف لمواخاة المهاجرين بعضهم مع بعض قبل الهجرة على الحق والمواساة، فإما أن المؤلف تغيّر رأيه هناك، أو أن مقصوده بالنفي هنا هو نفي أن يكون آخى بينهم بعد الهجرة.
(٣) أخرجه البخاري (٣٦٥٧) من حديث ابن عباس، وأخرجه أيضًا هو (٤٦٦، ٣٦٥٤) ومسلم (٢٣٨٢) من حديث أبي سعيد الخدري.
(٤) أخرجه البخاري (٣٦٥٦) من حديث ابن عباس، ومسلم (٢٣٨٣/ ٤) من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه -.