للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليه: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: ١٤٤] (١). وذلك بعد ستة عشر شهرًا من مقدمه المدينةَ، قبلَ وقعةِ بدرٍ بشهرين (٢).

قال محمد بن سعد (٣): أخبرنا هاشم بن القاسم، قال: حدثنا أبو معشر، عن محمد بن كعب القرظي قال: «ما خالف نبيٌّ نبيًّا قطُّ في قبلةٍ ولا في سُنَّة، إلا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استقبل بيت المقدس حين قدم المدينة ستة عشر شهرًا»، ثم قرأ: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا} الآية [الشورى: ١٣].

وكان في جَعْل القبلة إلى بيت المقدس ثم تحويلِها إلى الكعبة حِكَمٌ عظيمة، ومحنةٌ للمسلمين والمشركين واليهود والمنافقين.

فأما المسلمون فقالوا: سمعنا وأطعنا، وقالوا: آمنا به كل من عند ربنا، وهم الذين هدى الله ولم تكن كبيرةً عليهم.

وأما المشركون فقالوا: كما رجع إلى قبلتنا يوشك أن يرجع إلى ديننا، وما رجع إليها إلا لأنها الحق.


(١) أخرجه ابن سعد في «الطبقات» (١/ ٢٠٨) عن الواقدي بإسناده إلى ابن عباس وغيره. وله شاهد من حديث البراء عند البخاري (٣٩٩) بنحوه دون ذكر قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لجبريل وجوابه.
(٢) نصّ عليه سعيد بن المسيِّب كما في «الطبقات» (١/ ٢٠٨). وفي حديث البراء عند البخاري: «صلى نحو بيت المقدس ستة عشر ــ أو سبعة عشر ــ شهرًا». أي: إن تحويل القبلة كان في رجب أو شعبان، قبل وقعة بدر بشهر أو شهرين.
(٣) في «الطبقات» (١/ ٢٠٩).