للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إحداهما: إباحة قطع الإذخر.

والثانية: أنه لا يشترط في الاستثناء أن ينويه من أول الكلام ولا قبل فراغه، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لو كان ناويًا لاستثناء الإذخر من أول كلامه أو قبل تمامه لم يتوقف استثناؤه له على سؤال العباس له ذلك وإعلامِه أنهم لا بد لهم منه لقَينهم وبيوتهم (١).

ونظير هذا: استثناؤه - صلى الله عليه وسلم - لسهيل بن بيضاء من أُسارى بدر بعد أن ذكَّره به ابن مسعود؛ فقال: «لا ينفلتنَّ أحدٌ منهم إلا بفداء أو ضربة (٢) عنق»، فقال ابن مسعود: إلا سهيل بن بيضاء، فإني سمعته يذكر الإسلام، فقال: «إلا سهيل بن بيضاء» (٣). ومن المعلوم أنه لم يكن قد نوى الاستثناء في الصورتين من أول كلامه.

ونظيره أيضًا: قول المَلَك لسليمان لمّا قال: «لأطوفن الليلة على مائة


(١) القين: الحداد والصائغ، وفي رواية عند البخاري: «لصاغتنا». وكان الصاغة يستعملونه وقودًا، وكان أهل مكة يجعلونه في سُقُف بيوتهم فوق الخشبات قبل أن يُطيِّنوا عليها ليسدُّوا الخلل فلا يسقط الطين، وكذا يجعلونه ــ وإلى يومنا هذا ــ بين اللَّبِنات في القبور. انظر: «الفتح» (٤/ ٤٩).
(٢) ز، د: «ضرب».
(٣) أخرجه أحمد (٣٦٣٢) والترمذي (٣٠٨٤) وابن أبي شيبة (٣٧٨٤٥) والبيهقي في «سننه» (٦/ ٣٢١) من حديث أبي عُبَيدة ــ وهو ابن عبد الله بن مسعود ــ عن أبيه في قصة مشاورة النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه في أسارى بدر. قال الترمذي: «هذا حديث حسن، وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه». ولعله حسَّنه مع انقطاعه لأن أبا عُبيدة كان له فضل معرفة بحديث أبيه ــ كما سبق (ص ١٢٣/الهامش) ــ، ولأن أصل قصة المشاورة ثابت من حديث عمر، أخرجه مسلم (١٧٦٣) وغيره.