للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقالت طائفةٌ: أفاد هذا الإلحاق قطْعَ توهُّم انقطاع نسب الولد من الأمِّ كما انقطع من الأب، وأنَّه لا يُنْسب إلى أمٍّ ولا إلى أبٍ، فقطعَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - هذا الوهم وألحق الولد بالأمِّ، وأكَّد هذا بإيجابه الحدَّ على من قذفه أو قذفَ أمَّه، وهذا قول الشَّافعيِّ ومالك وأبي حنيفة، وكلِّ من لا يرى أنَّ أمَّه وعصباتها عصبة (١) له.

وقالت طائفةٌ ثانيةٌ: بل أفادنا هذا الإلحاق فائدةً زائدةً، وهي تحويلُ النَّسب الذي كان إلى أبيه إلى أمِّه، وجعْلُ أمِّه قائمةً مقام أبيه في ذلك، فهي عصبته، وعصباتها أيضًا عصبته، فإذا مات حازتْ ميراثَه. وهذا قول ابن مسعودٍ (٢)، ويُروى عن علي (٣). وهذا القول هو الصَّواب؛ لما روى أهل السُّنن الأربعة (٤) من حديث واثلة بن الأَسْقَع عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: «تَحُوزُ


(١) «عصبة» ساقطة من المطبوع.
(٢) أخرجه عبد الرزاق (١٢٤٧٩)، ومن طريقه الطبراني في «الكبير» (٩٦٦٢) من طريق قتادة، والحاكم: (٤/ ٣٤١) من طريق إبراهيم النخعي كلاهما عن ابن مسعود قال: «ميراث ولد الملاعنة كله لأمه». وسنده ضعيف؛ قتادة وإبراهيم لم يدركاه. قال الحاكم: «هذا حديث رواته كلهم ثقات وهو مرسل وله شاهد». وسيأتي في أثر عليٍّ.
(٣) أخرجه الدارمي (٣٠٠٤) وعبد الرزاق (١٢٤٨٢)، وابن أبي شيبة (٣١٩٧٩)، والطبراني في «الكبير» (٩٦٦٣)، من طريق ابن أبي ليلى عن الشعبي عنهما، وقد أُعلَّ بضعف ابن أبي ليلى، وبالانقطاع؛ فالشعبي لم يسمع منهما، وأخرجه الحاكم (٤/ ٣٤٧) من وجه آخر وصحح إسناده، من طريق ابن عباس عن عليٍّ موقوفًا عليه من فِعله.
(٤) أخرجه أبو داود (٢٩٠٦) والترمذي (٢١١٥) والنسائي في «الكبرى» (٦٣٢٦) وابن ماجه (٢٧٤٢)، ومداره على عمرو بن رؤبة عن عبد الواحد النَّصري، وقد أنكروا أحاديثه عنه كما قال ابن عدي، وعمرو ليس بذاك. والحديث حسَّنه الترمذي، وقال البيهقي وغيره: هذا غير ثابت، وضعفه الألباني في «الإرواء» (١٥٧٦).