للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أشاروا إلى رجل قدَّمه في اللحد (١).

ودَفَن عبدَ الله بن عمرِو بن حرام وعمرو بن الجَمُوح في قبر واحد لِما كان بينهما من المحبة، فقال: «ادفنوا هذين المتحابَّين في الدنيا في قبرٍ واحد» (٢). ثم حُفِر عنهما بعد زمن طويل ويَدُ عبدِ الله بن عمرو بن حرام على جرحه كما وضعها حين جُرِح، فأميطت يدُه عن جرحه فانبعث الدم، فرُدَّت إلى مكانها فسكن الدم (٣).

وقال جابر: رأيت أبي في حُفرته حين حفر عليه كأنه نائم، وما تغيَّر من حاله قليل ولا كثير. قيل له: أفرأيت أكفانه؟ فقال: إنما دُفِن في نمرة خُمِّر بها وجهُه، وعلى رجليه الحرمل (٤)، فوجدنا النمرة كما هي، والحرمل على رجليه على هيئته، وبين ذلك ست وأربعون سنةً (٥).


(١) أخرجه أحمد (٢٣٦٦٠) والبخاري (١٣٤٧) من حديث جابر بنحوه، وليس عند البخاري: «والثلاثة».
(٢) ذكره الواقدي في «مغازيه» (١/ ٢٦٧) عن شيوخه في سياق غزوة أحد، وكذا ابن سعد في «الطبقات» (٣/ ٥٢١). وأسنده ابن إسحاق ــ كما في «سيرة ابن هشام» (٢/ ٩٧) و «مصنف ابن أبي شيبة» (١١٧٧٤) ــ عن أبيه عن أشياخ من بني سلمة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بلفظ: «ادفنوهما في قبر واحد، فإنهما كانا متصافيين في الدنيا».
(٣) ذكره مالك في «الموطأ» (١٣٤٨) عن عبد الرحمن بن أبي صعصعة أنه بلغه ذلك، وفيه: «وكان بين أُحُد وبين يوم حُفِر عنهما: ستٌّ وأربعون سنة». قلتُ: وذلك في خلافة معاوية لمّا أمر بإجراء العين فحفر عُمَّالُه هناك، كما سبق ذلك في حديث جابر المتقدم آنفًا. وانظر: «التمهيد» (١٩/ ٢٣٩ - ٢٤٢).
(٤) من نبات البادية له حب يُدَخَّن به ويُستعمل في الطب.
(٥) ذكره الواقدي (١/ ٢٦٧) وابن سعد (٣/ ٥٢١).