للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صدقته» (١).

ولا تناقض بين حديثيه، فإنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لما أجابه بأنَّ هذا صدقة الله عليكم، ودينُه اليُسْر السَّمح، علم عمر أنه ليس المراد من الآية قصر العدد كما فهمه كثير من الناس، فقال: «صلاة السفر ركعتان تمام غير قصر». وعلى هذا فلا دلالة في الآية على أنَّ قصر العدد مباح منفيٌّ عنه الجُناحُ، فإن شاء المصلِّي فعله، وإن شاء أتمَّ.

وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يواظب في أسفاره على ركعتين ركعتين، ولم يربِّع قطُّ إلا شيئًا فعله في بعض صلاة الخوف، سنذكره هناك ونبيِّن ما فيه إن شاء الله.

قال أنس: «خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - من المدينة إلى مكة، فكان (٢) يصلِّي ركعتين ركعتين حتى رجعنا إلى المدينة». متفق عليه (٣).

ولما بلغ عبدَ الله بن مسعود أنَّ عثمان بن عفان صلَّى بمنًى أربع ركعات قال: «إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون! صلَّيتُ مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمنًى ركعتين، وصلَّيتُ مع أبي بكر الصدِّيق بمنًى ركعتين، وصلَّيتُ مع عمر بن الخطاب بمنًى ركعتين، فليت حظِّي من أربع ركعات ركعتان متقبَّلتان». متفق عليه (٤). ولم يكن ابنُ مسعود لِيسترجعَ من فعل عثمان أحدَ الجائزين المخيَّر بينهما،


(١) كما ورد في قصة يعلى بن أمية معه، أخرجها مسلم (٦٨٦).
(٢) ما عدا م، ق: «وكان».
(٣) البخاري (١٠٨١) ومسلم (٦٩٣).
(٤) البخاري (١٠٨٤، ١٦٥٧) ومسلم (٦٩٥) من حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -.