للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الجمهور. وقد تناظر في هذه المسألة محمَّد بن سيرين ورجلٌ آخر، فاحتجَّ على محمد بقول علي، فاحتجَّ عليه محمد بالآية، فسكت (١).

وقد دلَّت الآية على أحكامٍ:

منها: هذا.

ومنها: أنَّ من حلف على ترك الوطء أقلَّ من أربعة أشهرٍ لم يكن مُؤليًا، وهذا قول الجمهور، وفيه قولٌ شاذٌّ أنَّه مُؤلٍ.

ومنها: أنَّه لا يثبت له حكم الإيلاء حتَّى يحلف على أكثر من أربعة أشهرٍ، فإن كانت مدَّة الامتناع أربعة أشهرٍ لم يثبت له حكم الإيلاء؛ لأنَّ الله جعل لهم مدَّة أربعة أشهرٍ، وبعد انقضائها إمَّا أن يُطلِّقوا وإمَّا أن يفيئوا. وهذا قول الجمهور، منهم أحمد والشَّافعيُّ ومالك. وجعله أبو حنيفة مؤليًا بأربعة أشهرٍ سواء، وهذا بناءً على أصله أنَّ المدَّة المضروبة أجلٌ لوقوع الطَّلاق بانقضائها، والجمهور يجعلون المدَّة أجلًا لاستحقاق المطالبة.

وهذا موضعٌ اختلف فيه السَّلف من الصَّحابة - رضي الله عنهم - (٢) ومن بعدهم، فقال الشَّافعيُّ (٣): ثنا سفيان عن يحيى بن سعيدٍ، عن سليمان بن يسارٍ، قال:


(١) أخرج قصة ابن سيرين سعيد (١٨٧٧) وابن أبي شيبة (١٨٩٤٩) من طريق القعقاع بن يزيد الضبي عن الحسن قال: سألت ابن سيرين فقال: «ما أدري ما يقولون، وما يجيئون به»، وتلا آية الإيلاء. وسندها صحيح.
(٢) بعدها في المطبوع: «والتابعين». وليست في النسخ.
(٣) في «الأم» (٨/ ٥٩)، وسنده صحيح على شرطهما، كما قال الألباني في «الإرواء» (٢٠٨٦).