للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله مدَّ البصر. وخرج من المدينة نهارًا بعد الظُّهر لستٍّ بقين من ذي القعدة بعد أن صلَّى الظُّهر بها أربعًا، وخطبَهم قبل ذلك خطبةً علَّمهم فيها الإحرامَ وواجباتِه وسننَه.

قال ابن حزمٍ (١): وكان خروجه يوم الخميس.

قلت: والظَّاهر أنَّ خروجه كان يوم السَّبت، واحتجَّ أبو محمد ابن حزمٍ على قوله بثلاث مقدِّماتٍ، إحداها: أنَّ خروجه كان لستٍّ بقين من ذي القعدة. والثَّانية: أنَّ استهلال ذي الحجَّة كان يوم الخميس. والثَّالثة: أنَّ يوم عرفة كان يوم الجمعة. واحتجَّ على أنَّ خروجه كان لستٍّ بقين من ذي القعدة بما روى البخاريُّ (٢) من حديث ابن عبَّاسٍ: انطلق النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - من المدينة بعدما ترجَّل وادَّهن، فذكر الحديث. وقال: وذلك لخمسٍ بقين من ذي القعدة (٣).

قال ابن حزمٍ (٤): وقد نصَّ عمر (٥) على أنَّ يوم عرفة كان يوم الجمعة، وهو التَّاسع، فاستهلالُ ذي الحجَّة بلا شكٍّ ليلة الخميس، فآخرُ ذي القعدة يوم الأربعاء، فإذا كان خروجه لستِّ ليالٍ بقين من ذي القعدة كان يوم الخميس، إذ الباقي بعده ستُّ ليالٍ سواء.

ووجهُ ما اخترناه أنَّ الحديث صريحٌ في أنَّه خرج لخمسٍ بقين، وهي يوم


(١) في «حجة الوداع» (ص ١١٥).
(٢) برقم (١٥٤٥).
(٣) انظر: «حجة الوداع» (ص ١٣١).
(٤) المصدر نفسه (ص ١٣١).
(٥) في المطبوع: «ابن عمر» خلاف جميع النسخ و «حجة الوداع». وقول عمر أخرجه البخاري (٤٥) ومسلم (٣٠١٧/ ٥).