للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فنصيبُ (١) العبد من انشراح صدره بحسب نصيبه من هذا النور، وكذلك النور الحسي والظلمة الحسية، هذا يشرح (٢) الصدر وهذه تُضيِّقه.

ومنها: العلم، فإنه (٣) يشرح الصدر، ويُوسِّعه حتى يكون أوسعَ من الدنيا، والجهل يُورِثُه الضِّيقَ والحَصَرَ والحَبْس، فكلَّما اتَّسعَ علم العبد انشرح صدره واتَّسعَ، وليس هذا لكلِّ علمٍ، بل للعلم الموروث عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وهو العلم النافع، فأهلُه أشرحُ الناس صدورًا (٤)، وأوسعهم قلوبًا، وأحسنهم أخلاقًا، وأطيبهم عيشًا.

ومنها: الإنابة إلى الله، ومحبته بكل القلب، والإقبال عليه، والتنعُّم بعبادته، فلا شيءَ أشرحُ لصدر العبد من ذلك، حتى إنه ليقول أحيانًا: إن كنتُ في الجنة في مثل هذه الحال فإني إذًا في عيشٍ طيِّب. وللمحبة تأثير عجيب في انشراحِ الصدر وطيبِ النفس ونعيمِ القلب، لا يعرفه إلا من له حسٌّ به، وكلَّما كانت المحبة أقوى وأشدَّ كان الصدر أفسحَ وأشرحَ، ولا يضيق إلا عند رؤية البطَّالين الفارغين من هذا الشأن، فرؤيتهم قَذَى عينهِ، ومخالطتُهم حُمَّى روحِه.

ومن أعظم أسباب ضيق الصدر: الإعراض عن الله، وتعلُّق القلب بغيره، والغفلة عن ذكره، ومحبةُ سواه؛ فإن من أحبَّ شيئًا غيرَ الله عُذِّب به وسُجِن قلبُه في محبة ذلك الغير، فما في الأرض أشقى منه، ولا أكسفُ بالًا، ولا أنكدُ عيشًا، ولا أتعبُ قلبًا.


(١) ق، ب، ص، م، مب: «فيصيب». والمثبت من بقية النسخ.
(٢) ق، ب، م، مب: «هذه تشرح». والمثبت من بقية النسخ.
(٣) «فإنه» ليست في ص.
(٤) في المطبوع: «صدرًا». والمثبت من النسخ.