للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهما محبَّتان: محبةٌ هي جنّة الدنيا، وسرورُ النفس (١)، ولذة القلب، ونعيم الروح وغذاؤها ودواؤها، بل حياتها وقُرَّةُ عينها، وهي محبَّةُ الله وحدَه بكلِّ القلب، وانجذابِ قُوى الميل والإرادة والمحبة كلِّها إليه. ومحبةٌ هي عذاب الروح، وغَمُّ النفس، وسجنُ القلب، وضِيق الصَّدر، وهي سبب الألم والنكد والعناء وهي محبة ما سواه سبحانه.

ومن أسباب شَرْح الصدر: دوامُ ذكره على كلِّ حالٍ وفي كلِّ موطنٍ، فللذِّكر تأثيرٌ عجيب في انشراحِ الصدر ونعيمِ القلب، وللغفلة تأثير عجيب في ضِيْقه وحَبْسِه وعذابِه.

ومنها: الإحسان إلى الخلق، ونفْعُهم بما يمكنه من المال والجاه، والنفع بالبدن وأنواع الإحسان، فإن الكريم المحسن أشرحُ النَّاس صدرًا وأطيبُهم نفسًا وأنعمُهم قلبًا، والبخيل الذي ليس فيه إحسانٌ أضيقُ الناس صدرًا وأنكدُهم عيشًا وأعظمُهم غمًّا وهمًّا. وقد ضربَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٢) مثلَ البخيل والمتصدِّق (٣) كمثل رجلين عليهما جُبَّتانِ (٤) من حديدٍ، كلَّما هَمَّ (٥) المتصدِّق بصدقةٍ اتسعتْ عليه وانبسطتْ، حتى تُجِنَّ بَنَانَه (٦) وتُعفِّيَ أثرَه، وكلَّما هَمَّ البخيل بالصدقة لزِمتْ كلُّ حَلْقةٍ مكانَها، ولم تتَّسعْ عليه.


(١) بعدها في ص: «ولذة العيش». وليست في بقية النسخ.
(٢) بعدها في المطبوع: «في الصحيح». وليست في النسخ.
(٣) رواه البخاري (١٤٤٣، ٢٩١٧، ٥٢٩٩، ٥٧٩٧) ومسلم (١٠٢١) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٤) في المطبوع: «جُنَّتان». والمثبت من النسخ. والرواية بالوجهين.
(٥) ج، ص، ع: «تَصدَّق». والمثبت من بقية النسخ.
(٦) في المطبوع: «يجرّ ثيابه»، تحريف، وهو خلاف النسخ والرواية.