للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ينبغي لنبيٍّ أن تكون له خائنة الأعين» (١)؛ فهذا كان قد تغلظ كفره بردَّته بعد إيمانه وهجرته وكتابة الوحي، ثم ارتد ولحق بالمشركين يطعن على الإسلام ويعيبه، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يريد قتله، فلما جاء به عثمان بن عفان وكان أخاه من الرضاعة لم يأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقتله حياءً من عثمان ولم يبايعه ليقوم إليه بعض أصحابه فيقتلَه، فهابوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يُقْدموا على قتله بغير إذنه، واستحيى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من عثمان، وساعد القدر السابق لِما يريد الله سبحانه بعبد الله مما ظهر منه بعد ذلك من الفتوح (٢)،

فبايعه، وكان ممن استثنى الله بقوله: {كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٨٦) أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (٨٧) خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ (٨٨) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [آل عمران: ٨٦ - ٨٩].

وقولُه - صلى الله عليه وسلم -: «ما ينبغي لنبيٍّ أن تكون له خائنة الأعين»، أي: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يخالف ظاهرُه باطنَه، ولا سرُّه علانيته، وإذا نفذ حكمَ الله وأمره لم يُومِ (٣) به، بل صرَّح به وأعلنه وأظهره.


(١) أخرجه أبو داود (٢٦٨٣، ٤٣٥٩) والنسائي (٤٠٦٧) والحاكم (٣/ ٤٥) والضياء في «المختارة» (٣/ ٢٤٨ - ٢٥١) من حديث سعد بن أبي وقاص بنحوه، وإسناده حسن. ولبعضه شاهد من حديث ابن عباس عند أبي داود (٤٣٥٨) والنسائي (٤٠٦٩) والحاكم (٣/ ٤٥) والضياء (١٢/ ٢٩٥) بإسناد حسن.
(٢) فُتحت إفريقيَّةُ ــ وتسمى «تونس» اليوم ــ على يده في أيام عثمان - رضي الله عنه - ..
(٣) كذا في الأصول، مِن: أومَى يُومِي، لغة في أومأَ يومئُ.