للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي «مغازي الأموي» (١): أن المشركين صعدوا على الجبل، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لسعد: «احْتُتْهم» (٢) ــ يقول: ارددهم ــ، فقال: كيف أَحُتُّهم وحدي؟ فقال ذلك ثلاثًا، فأخذ سعدٌ سهمًا من كنانته فرمى به رجلًا فقتله، قال: ثم أخذتُ سهمي أعرفه فرميتُ به آخر فقتلتُه، ثم أخذته أعرفه فرميت به آخر فقتلته، فهبطوا من مكانهم، فقلت: هذا سهم مبارك، فجعلته في كنانتي، فكان عند سعد حتى مات ثم كان عند بنيه.

وفي «الصحيحين» (٣) عن أبي حازم [عن سهل بن سعد] أنه سئل عن جرح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: والله إني لأَعرِف مَن كان يَغسل جرح رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومن كان يَسْكُب الماء، وبما دُووِي؛ كانت فاطمة ابنتُه تغسله، وعليُّ بن أبي طالب يسكب الماء بالمِجَنِّ، فلما رأت فاطمة أن الماء لا يزيد الدمَ إلا كثرةً أخذت قطعةً من حَصِير فأحرقتها فألصقتها فاستمسك الدم.

وفي «الصحيح» (٤): أنه كُسرت رَباعِيَتُه، وشُجَّ في رأسه فجعل يَسْلُتُ


(١) لسعيد بن يحيى بن سعيد الأموي (ت ٢٤٩)، يروي فيها عن أبيه عن ابن إسحاق، ويزيد فيها أشياء من روايته. انظر: «سير النبلاء» (٩/ ١٣٩). والحديث أخرجه أيضًا أبو إسحاق الفزاري في «كتاب السير» (١٩٠) ــ ومن طريقه ابن أبي الدنيا في «مكارم الأخلاق» (١٨١) ــ عن رجل من أهل المدينة عن محمد بن المنكدر مرسلًا.
(٢) في النسخ المطبوعة: «اجنبهم»، تصحيف. وهو غيرمحرَّر النقط في عامّة الأصول، والمثبت هو المنصوص عليه في كتب الغريب واللغة. وهو أمر مِن: (حتَّ الشيءَ يحُتُّه) إذا حكَّه وقشره، ومنه أيضًا: (تحاتَّ الشيءُ) إذا تناثر وتساقط. فالمعنى: أزِلْهم عنّا كما يُزال الشيء بالحك والقشر، أو اجعلهم يتحاتُّون أي يتساقطون.
(٣) البخاري (٤٠٧٥) ومسلم (١٧٩٠)، وما بين الحاصرتين مستدرك منهما.
(٤) «صحيح مسلم» (١٧٩١) من حديث أنس، وعلّقه البخاري مختصرًا في المغازي، باب {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} الآية.