للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيه، فقيل: بعرفة، هكذا روى مجاهد عنها (١)، وروى عروة عنها أنَّها أظلَّها يوم عرفة وهي حائضٌ (٢). ولا تَنافيَ بينهما، والحديثان صحيحان، وقد حملهما ابن حزمٍ على معنيين، فطُهْر عرفة هو الاغتسال للوقوف عنده، قال (٣): لأنَّها قالت: «تطهَّرت بعرفة»، والتَّطهُّر (٤) غير الطُّهر. قال: وقد ذكر القاسم يوم طهرها وأنَّه يوم النَّحر، وحديثه في «صحيح مسلم» (٥). قال: وقد اتَّفق القاسم وعروة على أنَّها كانت يوم عرفة حائضًا، وهما أقربُ النَّاس منها.

وقد روى أبو داود (٦): ثنا محمَّد بن إسماعيل (٧)، ثنا حمَّاد بن سلمة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عنها: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مُوافينَ هلالَ ذي الحجَّة ... فذكرت الحديث، وفيه: فلمَّا كانت ليلة البطحاء طهُرتْ عائشة. وهذا إسنادٌ صحيحٌ، لكن قال ابن حزمٍ (٨): إنَّه حديثٌ منكرٌ، مخالفٌ لما روى هؤلاء كلُّهم عنها، وهو قوله: «إنَّها طهرتْ ليلة البطحاء»، وليلة البطحاء كانت بعد يوم النَّحر بأربع ليالٍ، وهذا محالٌ، إلا أنَّنا لمَّا تدبَّرنا وجدنا هذه اللَّفظة ليست من كلام عائشة، فسقطَ التَّعلُّق بها، لأنَّها إنما هي


(١) عند مسلم أيضًا (١٢١١/ ١٣٣).
(٢) رواه البخاري (١٧٨٣) ومسلم (١٢١١/ ١١٥) من رواية عروة عنها.
(٣) في «حجة الوداع» (ص ٣٢٢).
(٤) ص، ج: «والتطهير».
(٥) برقم (١٢١١/ ١٢٠).
(٦) برقم (١٧٧٨). وانظر: «بيان الوهم والإيهام» لابن القطان (٣/ ٤٦٤).
(٧) كذا في النسخ، وفي «سنن أبي داود» (١٧٧٨): «موسى بن إسماعيل»، وهو الصواب.
(٨) في «حجة الوداع» (ص ٣٢٢).