للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والثاني: أنه كان يوم بدر. هذا قول ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، والرواية الأخرى عن عكرمة؛ اختاره جماعة من المفسرين.

وحجة هؤلاء أن السياق يدل على ذلك، فإنه سبحانه قال: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (١٢٣) إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ} إلى أن قال: {وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ} أي: هذا الإمداد (١) {إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ} [آل عمران: ١٢٣ - ١٢٦] قال هؤلاء: فلما استغاثوه أمدهم بألفٍ، ثم (٢) أمدّهم بتمام ثلاثة آلاف، ثم أمدهم بتمامِ خمسةِ آلافٍ لما صبروا واتقوا، وكان هذا التدريجُ ومتابعةُ الإمداد أحسنَ موقعًا وأقوى لنفوسهم وأَسَرَّ لها من أن يأتي به مرةً واحدةً (٣)، وهو بمنزلة متابعة الوحي ونزوله مرةً بعد مرة.

وقالت الفرقة الأولى: القصة في سياق أُحُدٍ، وإنما دخل ذكرُ بدرٍ اعتراضًا في أثنائها، فإنه سبحانه قال: {وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (١٢١) إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [آل عمران: ١٢١ - ١٢٢]، ثم قال: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [آل عمران: ١٢٣]، فذكَّرهم نعمتَه عليهم لمّا نصرهم ببدرٍ وهم أذلة، ثم عاد إلى قصة أُحُدٍ وأخبر عن قول رسوله لهم: {أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ


(١) ق: «هذا البشرى».
(٢) «أمدّهم بألفٍ ثم» ساقط من المطبوع.
(٣) م، ق، ب: «أن يأتي به دفعة».