للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الجمعة السابع عشر من رمضان في السنة الثانية، فلما أصبحوا أقبلت قريشٌ في كتائبها واصطفَّ الفريقان، فمشى حكيمُ بن حزامٍ وعتبةُ بن ربيعةَ في قريشٍ أن يرجعوا ولا يقاتلوا، فأبى ذلك أبو جهلٍ وجرى بينه وبين عتبة كلامٌ أَحْفَظَه (١)، وأمر أبو جهل أخا عمرو بن الحضرمي أن يطلب دمَ أخيه عمرًا (٢)، فكشف عن اسْتِهِ وصرخ: واعَمْراه! فحمي القوم ونشبت الحربُ، وعدَّل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصفوف، ثم رجع إلى العريش هو وأبو بكر خاصةً، وقام سعدُ بن معاذ في قوم (٣) من الأنصار على باب العريش يحمون رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

وخرج عُتبة وشَيبة ابنا ربيعة والوليدُ بن عتبة يطلبون المبارزة، فخرج إليهم ثلاثة من الأنصار: عبدُ الله بن رواحة وعوفٌ ومُعَوِّذ ابنا عفراء، فقالوا لهم: من أنتم؟ قالوا: من الأنصار. قالوا: أَكْفاءٌ كِرام، وإنما نريد بني عمِّنا، فبرز إليهم عليٌّ وعبيدةُ بن الحارث وحمزةُ، فقَتل عليٌّ قِرْنَه الوليدَ، وقتل حمزةُ قِرْنَه عُتبة ــ وقيل: شيبة ــ، واختلف عبيدةُ وقِرْنُه ضربتين فكرَّ عليٌّ وحمزةُ على قرن عبيدةَ فقتلاه، واحتملا عبيدةَ وقد قُطِعت رِجلُه، فلم يزل ضَمِنًا (٤) حتى مات بالصفراء (٥).


(١) أي: أغضبه.
(٢) ن، النسخ المطبوعة: «عمرٍو».
(٣) م، ق، ب: «وقوم».
(٤) الضَّمِن كالزَّمِن وزنًا ومعنًى.
(٥) وهي قرية من قُرى وادي يَلْيَل، مرَّ بها النبي - صلى الله عليه وسلم - عند قفوله من بدرٍ. وهي اليوم تُعرف باسم «الواسطة». انظر: «معجم المعالم الجغرافية» للبلادي (ص ١٧٦).