للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الأسقف، فبينا هو يقرؤه وأبو علقمة معه وهما يسيران إذ كبَّت ببشرٍ ناقتُه فتعَّس بِشرٌ (١) ــ غير أنه لا يكني عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ــ (٢)، فقال له الأسقف عند ذلك: قد واللهِ تعَّستَ نبيًّا مرسلًا! فقال بشر: لا جَرَم واللهِ لا أحُلُّ عنها عقدًا حتى آتيه، فضرب وجه ناقته نحو المدينة، وثنى الأسقف ناقته عليه فقال له: افهم عنِّي، إنما قلت هذا ليَبلُغَ (٣) عني العربَ مخافةَ أن يقولوا: إنا أخذنا حمقةً (٤) أو بَخَعْنا (٥) لهذا الرجل بما لم تَبْخَع به العرب ونحن أعزهم وأجمعهم دارًا، فقال له بِشر: لا واللهِ لا أُقيلك ما خرج من رأسك أبدًا، فضرب بِشرٌ ناقتَه وهو موَلٍّ ظهره للأسقف وهو يقول:

إليك تغدو قَلِقًا وَضِينُها ... معترضًا في بطنها جنينُها

مخالفًا دين النصارى دينُها

حتى أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يزل مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حتى استشهد أبو علقمة بعد ذلك.

ودخل الوفد نجران فأتى الراهبَ ابنَ أبي شمر الزبيدي وهو في رأس صومعة له، فقال له: إن نبيًّا قد بُعِث بتهامة وإنه كتب إلى الأسقف فأجمع رأيَ أهل الوادي أن يُسيِّروا إليه شرحبيل بن وداعة، وعبد الله بن شرحبيل، وجبار بن فيض، فيأتونهم بخبره، فساروا حتى أتوه فدعاهم إلى المباهلة


(١) تَعَّس: دعا بالهلاك على أحد فقال: تَعِسَ فلان.
(٢) أي: أنه ذكره باسمه صُراحًا.
(٣) كذا ضبط بالياء في د، ب، ن، و «الدلائل». وفي النسخ المطبوعة: «لتُبلِّغ».
(٤) في مطبوعة «الدلائل»: «حقَّه».
(٥) أي: أذعنَّا وخضعنا له. ويحتمل: «نخعنا» كما في المطبوع، وهو مثله وزنًا ومعنى.