للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنس بن مالكٍ قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «دواءُ عِرق النَّسا أَلْيةُ شاةٍ أعرابيَّةٍ تذاب، ثمُّ تجزَّأ ثلاثة أجزاءٍ، ثمَّ يُشْرَب على الرِّيق في كلِّ يومٍ جزءٌ».

عِرْق النَّساء: وجعٌ يبتدئ من مفصل الورك، وينزل من خلفٍ على الفخذ وربَّما امتدَّ على الكعب (١). وكلَّما طالت مدَّته زاد نزوله, وتهزل معه الرِّجل والفخذ (٢).

وهذا الحديث فيه معنًى لغويٌّ, ومعنًى طبِّيٌّ. فأمَّا اللُّغويُّ, فدليلٌ على جواز تسمية هذا المرض بعرق النَّسا خلافًا لمن منع هذه التَّسمية وقال: النَّسا هو العرق نفسه, فيكون من باب إضافة الشَّيء إلى نفسه, وهو ممتنعٌ. وجواب هذا القائل من وجهين:

أحدهما: أنَّ العرق أعمُّ من النَّسا, فهو من باب إضافة العامِّ إلى الخاصِّ نحو: كلُّ الدَّراهم أو بعضها (٣).

الثَّاني: أنَّ النَّسا هو المرض الحالُّ بالعِرْق, والإضافة فيه من باب إضافة


(١) س، ث، ل: «إلى الكعب»، ولعله إصلاح من بعض النساخ، فإن المثبت من غيرها موافق لما في مصدر النقل.
(٢) أخذ الحموي هذا التعريف لعرق النسا من «القانون» (٢/ ٨٢٤).
(٣) ونحو علم الطب، وكتاب «القانون». وهذا الوجه ساقط من كتاب الحموي. ولا أدري ممن نقل الوجهين، فإن الموفَّق في «الأربعين الطبية» (ص ١١٥) ــ وعنه صدر الحموي في ذكر المعنيين ــ اكتفى بالاستدلال بالحديث على جواز التسمية. وقال ابن بري كما في «اللسان» (١٥/ ٣٢٢ - نسا): فإذا ثبت أنه مسموع فلا وجه لإنكار قولهم عرق النسا. ويكون من باب إضافة المسمى إلى اسمه. وقال فروة بن مُسَيك:
لما رأيتُ ملوكَ كندةَ أعرضَتْ ... كالرِّجل خان الرِّجْلَ عِرقُ نسائها