للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: وفي هذه القصة نظر، فقد ذكر أبو حاتم بن حبان في «صحيحه» (١) وغيرُه في قصة وفاته عن مجاهد عن إبراهيم بن الأَشْتَر عن أبيه عن أُمِّ ذر قالت: لما حضرت أبا ذر الوفاة بَكيتُ فقال: ما يبكيكِ؟ فقلت: وما لي لا أبكي وأنت تموت بفلاة من الأرض وليس عندي ثوب يسعك كفنًا ولا يدانِ لي في تغييبك، قال: أبشري ولا تبكي فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول لنفرٍ أنا فيهم: «ليموتَنَّ رجل منكم بفلاةٍ من الأرض تشهده عِصابةٌ من المسلمين» وليس من أولئك النفر أحد إلا وقد مات في قرية وجماعة فأنا ذلك الرجل، والله ما كَذَبتُ ولا كُذِبت، فأبصري الطريق، فقلت: أنى وقد ذهب الحاجُّ وتقطَّعت الطرق؟! فقال: اذهبي فتبصَّري، قالت: فكنت أشتدُّ (٢) إلى الكثيب أتبصَّر ثم أرجع فأمرِّضه، فبينا هو وأنا كذلك إذا أنا برجالٍ على رحالهم كأنهم الرَّخَمُ (٣)

تخُبُّ بهم رواحلهم، قالت: فأشرت إليهم فأسرَعوا إليَّ حتى وقفوا عليَّ، فقالوا: يا أمةَ الله ما لك؟ قلت: امرؤ من المسلمين يموت


(١) برقم (٦٦٧١)، وأخرجه هو (٦٦٧٠) وأحمد (٢١٣٧٣) والبزار (٤٠٦٠) والحاكم (٣/ ٣٤٥) وأبو نعيم في «معرفة الصحابة» (١٥٦٧) والبيهقي في «الدلائل» (٦/ ٤٠١)، من طرق عن يحيى بن سليم الطائفي، عن عبد الله بن عثمان بن خُثيم، عن مجاهد به. وإسناده فيه لين، فإن إبراهيم بن الأشتر وأباه ــ مالك بن الحارث النخعي المعروف بالأشتر ــ معروفان بالإمارة والشجاعة لا بالرواية والضبط، على أن ابن حبان أوردهما في «الثقات»، والعجليُّ قد وثّق الأشتر، وحسّن محققو «المسند» (طبعة الرسالة) إسنادَه.
(٢) المطبوع: «أسند»، تصحيف.
(٣) الرخَم: طائر أبقع على شكل النسر خِلقةً إلا أنه مبقَّعٌ بسواد وبياض، ويُعرف الآن أيضًا بالعُقاب المصري ..