للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مريضًا. والحال الثَّالثة هي متوسِّطةٌ بين الحالتين، فإنَّ الضِّدَّ لا ينتقل إلى ضدِّه إلا بمتوسِّطٍ.

وسبب خروج البدن عن طبيعته إمَّا من داخله لأنَّه مركَّب من الحارِّ والبارد والرَّطب واليابس، وإمَّا من خارجٍ فلأنَّ ما يلقاه قد يكون موافقًا وقد يكون غير موافقٍ.

والضَّرر الذي يلحق الإنسان قد يكون من سوء المزاج بخروجه عن الاعتدال، وقد يكون من فسادٍ في العضو، وقد يكون من ضعفٍ في القوى أو الأرواح الحاملة لها. ويرجع ذلك إلى زيادةِ ما الاعتدالُ في عدم زيادته، أو نقصانِ ما الاعتدالُ في عدم نقصانه، أو تفرُّقِ ما الاعتدالُ في اتِّصاله، أو اتِّصالِ ما الاعتدالُ في تفرُّقه، أو امتدادِ ما الاعتدالُ في انقباضه، أو خروجِ ذي وضعٍ وشكلٍ عن وضعه وشكله بحيث يُخرجه عن اعتداله.

فالطَّبيب: هو الذي يفرِّق ما يضرُّ بالإنسان جمعُه، أو يجمع فيه ما يضرُّه تفرُّقُه، أو ينقص منه ما يضرُّه زيادته (١)، أو يزيد فيه ما يضرُّه نقصُه؛ فيجلب الصِّحَّة المفقودة أو يحفظها بالمثل (٢) والشِّبه، ويدفع العلَّة الموجودة بالضِّدِّ والنَّقيض، ويُخرجها أو يدفعها بما يمنع من حصولها بالحِمْية.

وسترى هذا كلَّه في هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شافيًا كافيًا بحول الله وقوَّته وفضله ومعونته.


(١) د، ز: «نهايته»، تصحيف. وقبله في س، د، ن: «تضرُّه».
(٢) ز، ن: «بالشكل». وفي هامش ز أن في نسخة: «بالمثل». وفي حاشية س: «بالشكل صح». وفي د: «بالشك والشبهة»، تصحيف.