للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يصدِّقونه، ثم أعلمه أن أهل الكتاب من اليهود والنصارى لن يَرْضَوا عنه حتى يتبع ملَّتَهم، وأنه إن فعل ــ وقد أعاذه الله من ذلك ــ فما له من الله من ولي ولا نصير.

ثم ذكَّر أهلَ الكتاب بنعمته عليهم، وخوَّفهم من بأسه يومَ لقائِه.

ثم ذكَر خليلَه بانيَ بيتهِ الحرام وأثنى عليه ومدحه، وأخبر أنه جعله إمامًا للناس يأتمُّ به أهل الأرض، ثم ذكر بيتَه الحرام وبناءَ خليله له، وفي ضمن هذا أن بانيَ البيتِ كما هو إمام الناس فكذا (١) البيت الذي بناه إمام لهم، ثم أخبر أنه لا يرغب عن ملَّة هذا الإمام إلا أسفهُ الناس، ثم أمر عباده أن يأتمُّوا به، ويؤمنوا بما أنزل إليهم وإلى إبراهيم وإلى سائر النبيين، ثم رد على من قال: إن إبراهيم وأهل بيته كانوا يهودًا أو نصارى؛ وجعل هذا كله توطئةً ومقدِّماتٍ بين يدي تحويل القبلة، ومع هذا كلِّه فكَبُر ذلك على الناس إلا من هدى الله منهم.

وأكَّد سبحانه هذا الأمر مرةً بعد مرة بعد ثالثة، وأمر به حيث ما كان رسولُه ومن حيث خرج، وأخبر أن الذي يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم هداهم إلى هذه القبلة، وأنها هي القبلة التي تليق بهم وهم أهلها، لأنها أوسطُ القِبَل وأفضلُها، وهم أوسط الأمم وخيارهم، فاختار أفضل القِبَل لأفضل الأمم، كما اختار لهم أفضلَ الرُّسُل وأفضلَ الكتب، وأخرجهم في خير القرون، وخصَّهم بأفضل الشرائع، ومَنَحهم خيرَ الأخلاق وأسكنهم خيرَ الأرض، وجعل منازلَهم في الجنة خيرَ المنازل، ومَوقِفَهم في القيامة خير


(١) ز، ع: «فكذلك».