للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسلك حرة بني حارثة وقال: «من رجل يخرج بنا على القوم من كثب؟»، فخرج به بعضُ الأنصار حتى سلك في حائطٍ لبعض المنافقين وكان أعمى، فقام يحثو التراب في وجوه المسلمين ويقول: لا أُحِلُّ لك أن تدخل في حائطي إن كنتَ رسول الله! فابتدره القوم ليقتلوه فقال: «لا تقتلوه، فهذا أعمى القلب أعمى البصر» (١).

ونفذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى نزل الشِّعب من أُحُدٍ في عُدوة الوادي وجعل ظهره إلى أحد، ونهى الناس عن القتال حتى يأمرَهم.

فلما أصبح يومَ السبت تعبَّى للقتال، وهو في سبعمائة فيهم خمسون فارسًا، واستعمل على الرُّماة ــ وكانوا خمسين ــ عبدَ الله بن جبير وأمره وأصحابه أن يَلزموا مركزهم، وأن لا يُفارقوه ولو رَأَوا الطيرَ تتخطَّف العسكر (٢)، وكانوا خلف الجيش، وأمرهم أن ينضحوا المشركين بالنَّبْل لئلا يأتوا المسلمين من ورائهم.

وظاهر رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ بين درعين (٣).


(١) ذكره ابن إسحاق كما في «سيرة ابن هشام» (٢/ ٦٥). وانظر: «مغازي الواقدي» (١/ ٢١٨).
(٢) أخرجه البخاري (٣٠٣٩) من حديث البراء ولفظه: «إن رأيتمونا تخطفُنا الطير فلا تبرحوا مكانكم هذا حتى أرسل إليكم، وإن رأيتمونا هزمْنا القومَ وأوطأناهم فلا تبرحوا حتى أرسل إليكم».
(٣) صحّ ذلك في غير ما حديث، منها حديث السائب بن يزيد عند أحمد (١٥٧٢٢) وأبي داود (٢٥٩٠) والنسائي في «الكبرى» (٨٥٢٩) بإسناد صحيح.