فلا يلزم من (١) التَّوسُّعِ في الاسم الظَّاهر التَّوسُّع في الاسم الذي هو نصٌّ فيما يتناوله.
الثَّاني: أنَّ اسم الجمع يصحُّ استعماله في الاثنين فقط مجازًا عند الأكثرين، وحقيقةً عند بعضهم، فصحَّة استعماله في اثنين وبعضِ الثَّالث أولى بخلاف الثَّلاثة، ولهذا لما قال تعالى:{فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ}[النساء: ١١] حمله الجمهور على أخوين، ولمَّا قال:{فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ}[النور: ٦] لم يحملها أحدٌ على ما دون الأربع.
والجواب الثَّاني: أنَّه وإن صحَّ استعمال الجمع في اثنين وبعض الثَّالث إلا أنَّه مجازٌ، والحقيقة أن يكون المعنى على وفق اللَّفظ، وإذا دار اللَّفظ بين حقيقته ومجازه فالحقيقة أولى به.
الجواب الثَّالث: أنَّه إنَّما جاء استعمال الجمع في اثنين وبعضِ الثَّالث في أسماء الأيَّام والشُّهور والأعوام خاصَّةً؛ لأنَّ التَّاريخ إنَّما يكون في أثناء هذه الأزمنة، فتارةً يُدخِلون السَّنة النَّاقصة في التَّاريخ وتارةً لا يُدخلونها، وكذلك الأيَّام، وقد توسَّعوا في ذلك ما لم يتوسَّعوا في غيره، فأطلقوا اللَّيالي وأرادوا الأيَّام معها تارةً وبدونها أخرى، وبالعكس.
الجواب الرَّابع: أنَّ هذا التَّجوُّز جاء في جمع القلَّة، وهو قوله:{الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ}[البقرة: ١٩٧]، وقوله:{ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} جمع كثرةٍ، وكان من الممكن أن يقال: ثلاثة أقراءٍ، إذ هو الأغلب على الكلام، بل هو الحقيقة عند أكثر النُّحاة، فالعدول عن صيغة القلَّة إلى صيغة الكثرة لا بدَّ له من فائدةٍ،